وقد سبق -في هذا الفصل- توضيح معنى الإرسال في المصالح المرسلة. وأنه ليست هناك مصلحة مرسلة بالمعنى المطلق للإرسال. وأن ما يسمى بالمصالح المرسلة، هي في الحقيقة مصالح معتبرة شرعًا. وكل ما في الأمر أنها لم يرد في تسميتها وحفظها نصوص خاصة. بل يدخل حفظها فيما علم - قطعًا- من قصد الشريعة إلى حفظ المصالح، ويدخل في نصوص عامة تأمر بالخير والصلاح، وإذا ظهر المقصود فلا مشاحة في الاصطلاح.
وإذا كنا قد رأينا -في المجالين السابقين- إلى أي حد نحتاج إلى النظر والتقدير العقلي، فيما هو منصوص عليه من المصالح والمفاسد، فمن باب أولى -وبفارق كبير- نحتاج إلى ذلك في باب المصالح المرسلة: تعيينًا وتقديرًا وترجيحًا.