[الباب الأول: المقاصد قبل الشاطبي]
[مدخل]
...
البالب الأول: المقاصد قبل الشاطبى
رغم أن هذا البحث مخصص لنظرية المقاصد عند الإمام أبي إسحاق الشاطبي، فإن من المفيد جدًا، استطلاع الكلام في المقاصد قبل الشاطبي. وأهمية هذا الاستطلاع تتمثل في الفوائد التالية:
١- إعطاء مدخل تاريخي وموضعي لنظرية الشاطبي. فقبل أن نتوغل -مع الشاطبي- في قضايا المقاصد، وفي بعض تفصيلاتها، نمر مرورًا تدريجيا على بعض المقدمات، وبعض الجوانب من الموضوع.
٢- نستبين -بصفة إجمالية- الخطوات التي تمت قبل الشاطبي في الكشف عن مقاصد الشريعة وبيان أهميتها، مما يسمح لنا بوضع الأمور في نصابها، وتقدير كل واحد قدره.
٣- نضع أيدينا -بشيء من التفصيل والتحديد- على بعض جذور نظرية الشاطبي ومآخذها. وندرك حدود التقليد والتجديد يها.
ولتحقيق الفائدتين الثانية والثالثة، لا بد من الانتباه والمقارنة طيلة فصول البحث, وإن كنت سأعمل على إبرازهما بإيجاز، في أواخر هذا البحث بحول الله تعالى.
وبما أن العناية بمقاصد الشريعة، ميدانها الطبيعي هو الفقه، وأصول الفقه، يمارسها الفقهاء تطبيقًا وتفصيلًا، ويمارسها الأصوليون تنظيرًا وتأصيلًا، مما يحتم أن الشاطبي قد استفاد من هؤلاء وهؤلاء، وبنى على ما أصلوه ومهدوه، فقد كان لا بد أن ألتفت إلى الجانبين معًا. ولهذا جاء هذا الباب مكونًا من فصلين هما:
١- فكرة المقاصد عند الأصوليين.
٢- فكرة المقاصد في المذهب المالكي.
ولم أقل: فكرة المقاصد عند الفقهاء، لأن الجانب الفقهي عند الشاطبي منحصر-إلى حد كبير- في المذهب المالكي والفقه المالكي. فضلًا عما سيتضح -بحول الله- من خصوصية علاقة المذهب المالكي بمقاصد الشريعة.
وقد آثرت -بعد تردد طويل- أن أبدأ بالأصوليين، رغم أن علم الفقه أسبق من علم الأصول، ورغم ما أصبحت مقتنعًا به، من كون الفقهاء أكثر دراية وعناية