لا أريد في هذه الخاتمة -وكما جرت العادة- أن أعود إلى عرض ما عرضته، وإجمال ما فصلته. فذلك قد مضى بما له وما عليه. ويمكن أن أعود إليه -إذا يسر الله ذلك- لتتميمه، وتصحيح أغلاطه، وتقويم اعوجاجه.
ذلك أني وإن كنت أحس إحساسًا سطحيا -وعابرًا بالتأكيد- بأني بصدد إنهاء هذا البحث، فإن إحساسًا آخر ثقيلًا، يجثم على صدري، ويؤرق فكري، وهو أنني لم أنه شيئًا، وأن كل ما نبشته، أو خضت فيه بقدر ما، يدعو إلى مزيد من البحث والدراسة والتحرير والتقرير.
ولهذا فإني أقصر هذه الخاتمة على التذكير والتنبيه على بعض كبريات القضايا التي تتطلب الكثير من البحث.
أفعل هذا، إقرارًا مني بأني لم أنه شيئًا، وخاصة فيما يتعلق بهذه القضايا الكبرى. وأفعله استثارة وتحفيزًا لأهل العلم، ليتفضلوا بسد هذه الثغرات في مكتبتنا الفقهية والأصولية فيزيدوننا بيانا وتجلية لهذه الأمور.
وفيما يلي هذه القضايا التي أعني:
١- بماذا تعرف المقاصد؟ أو كما عبر الدكتور عبد المجيد النجار: مسالك الكشف عن مقاصد الشريعة. ولقد قدم الأصوليون خدمة كبيرة لهذا الموضوع، وذلك من خلال دراستهم لمسالك التعليل. ثم قدم الشاطبي ما عنده في الموضوع، كما قدم لنا تجربته التطبيقة في الكشف الاستقرائي عن كثير من المقاصد. وأضاف