وهذا هو أظهر وأشهر ما تميز به الشاطبي عمن سبقوه، من المتكلمين في مقاصد الشريعة. فقد كان السابقون يتناولون الموضوع في إشارت وكلمات، وإذا جمعت، فقد تبلغ بضع صفحات. "أعني للواحد منهم". فلما جاء الشاطبي جعل أكبر أجزاء "الموافقات" هو: "كتاب المقاصد" فأصبحت المقاصد -بهذا- شيئًا ظاهر للعيان، لا يسع أحدًا إغفاله، ولا نسيانه، ولا التقليل من شأنه. بينما كانت من قبل ضامرة خفية، لا يكاد يلتفت إليها إلا كبار العلماء، الراسخون في الشريعة وعلومها. وحتى هؤلاء، فإنما أدركوا ذلك لأنفسهم، واستناروا في علمهم واجتهادهم. ولم يخرجوا للناس -إخراجًا واضحًا صريحًا- إلا مبادئ موجزة، وتنبيهات متفرقة.