وهذه المسألة هي -تقريبًا- المسألة المعروفة في علم الكلام، وفي علم أصول الفقه، بمسألة التحسين والتقبيح. وإنما تجنب استعمال هذه التسمية، وقلت:"تقريبًا"، لأني لا أريد متابعة الجدليات التي دارت حولها، كما لا أريد إسقاط الموضوع في متاهات ما يسمى بعلم الكلام. بل أريد معالجة الموضوع بالقدر الضروري فقط. وإنما تعرضت لهذه المسألة، لما لها -في الأصل- من أهمية وتأثير على موضوع إدراك المصالح، ولأن الشاطبي نفسه لم ينج من بعض الآثار السلبية لها. وأعني بالذات تأثره بالنظرة الأشعرية إلى الموضوع. بل إن هذه النظرة الأشعرية ما زالت رائجة -إن لم تكن سائدة- إلى اليوم.
ولننطلق من الشاطبي -فهو منطلق البحث كله- لنرى بعض مظاهر أشعريته في الموضوع. ومن خلاله، ستتضح معالم النظرية الأشعرية في التحسين والتقبيح.