تطرق الشاطبي -وهو يتناول مقاصد الشريعة- إلى مقاصد المكلف، هو مظهر آخر من مظاهر تعمقه وتمكنه في موضوع المقاصد. ذلك أنه ما لم تتم العناية بمقاصد المكلف، فستظل مقاصد الشارع جبرا على ورق، أو فكرة في أذهان العلماء. فلا بد من تحرير القول في مقاصد المكلف وعلاقتها -إيجابًا وسلبًا- مع مقاصد الشارع. وذلك ما فعله إمامنا في القسم الثاني من قسمي المقاصد.
هذا القسم تناوله من خلال اثنتي عشرة مسألة، ولم يخل هو أيضًا من الاستطرادات الخارجة عن صميم الموضوع، ويتمثل هذا خاصة في المسائل: السادسة، والسابعة، والتاسعة.
المسألة الأولى -من مسائل القسم- جاءت بمثابة تمهيد للقواعد التي ستعقبها. ففيها قرر أمرًا بدهيا في الدين، قرره -كما قلت- على سبيل التذكير والتمهيد، وهو:"أن الأعمال بالنيات، والمقاصد معتبرة في التصرفات، من العبادات والعادات".