للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيان الأول من وجهين:

الأول: أن الله تعالى شرع الأحكام لمصلحة العباد، وهذه مصلحة، فيحصل ظن أن الله تعالى إنما شرعه لهذه المصلحة.

فهذه مقدمات ثلاث لا بد من إثباتها بالدليل.

أما المقدمة الأولى١، فالدليل عليها من وجوه:

أحدها: أن الله تعالى خصص الواقعة المعينة بالحكم المعين لمرجح، أو لا لمرجح.

والقسم الثاني باطل، وإلا لزم ترجيح أحد الطرفين على الآخر لا لمرجح، وهذا محال، فثبت القسم الأول.

وذلك المرجح إما أن يكون عائدًا إلى الله تعالى، أو إلى العبد.

والأول باطل بإجماع المسلمين، فتعين الثاني. والعائد إلى العبد إما أن يكون مصلحة العبد أو مفسدته، أو ما لا يكون لا مصلحته ولا مفسدته.

والقسم الثاني والثالث باطلان باتفاق العقلاء. فتعين الأول. فثبت أنه تعالى إنما شرع الأحكام لمصالح العباد.

وثانيها: أنه تعالى حكيم بإجماع المسلمين، والحكيم لا يفعل إلا لمصلحة، فإن من يفعل لا لمصلحة يكون عابثًا. والعبث على الله تعالى محال، للنص والإجماع والمعقول. فثبت أنه تعالى شرع الأحكام لمصالح العباد.

وخامسها٢ النصوص الدالة على أن مصالح الخلق ودفع المضار عنهم، مطلوب الشرع. قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} وقال: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} وقال: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} .


١ وهي أن الله شرع الأحكام لمصلحة العباد، وهي التي تهمنا هنا.
٢ تركت الثالث والرابع اختصارًا، واقتصارًا على الأهم.

<<  <   >  >>