للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه المرة، نجد الونشريسي قد سمى السائل١، وحلاه بالشيخ العالم العارف، المحقق، سيدي.

كما أنه ترجم على السؤال بقوله: سؤال في علم التصوف. إلا أن ترجمته هذه تحتاج إلى تنبيهين:

الأول: أن الأمر لا يتعلق بسؤال واحد، ومراسلة واحدة، بل إن ابن عباد -صاحب الجواب- يشير إلى مراسلتين في الموضوع. حيث يقول في أول جوابه: "قد قرأت كتابيكم، وفهمت مضمنهما، ولا يمكنني أن أتكلم على جميع فصولها بتصحيح أو إبطال، لأن الكلام فيها قد طال وتشعب، وذهب كل مذهب٢.

والثاني: يظهر -أيضًا- من قول ابن عباد هذا -كما يظهر من قبل في جواب القباب- وهو أن مراسلة الشاطبي، ليست -فحسب- عبارة عن "سؤال"، وإنما هي مراسلة مطولة، ذات مسائل وفوصل، وأنها تعرض مناظرات كانت جارية بغرناطة، وتعرض حجج الفريقين وآراءهما، وضمنهم الشابطي طبعًا. وأن هذه المراسلة -وهما اثنتان لابن عباد- قد تشعبت قضاياها إلى حد اعتذار المجيبين معًا عن متابعة فصولها، وحتى قال القباب: "فأعرضت عن تتبع الفصول، معترفًا بالتقصير حالا ومالا، اعترافًا حقيقيا٣.

فمن المؤسف، غاية الأسف، أن تكون رسائل لها كل هذه القيمة العلمية والتاريخية قد ضيعت.

وبعد هذه الوقفة مع الشاطبي، وبعض معالم شخصيته وحياته واهتماماته، أنتقل إلى صميم هذا البحث، وهو: نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي.


١ الظاهر أنه استفاد اسم السائل من جواب ابن عباد، الذي جاء فيه -خلافًا لجواب القباب-: "من محمد بن عباد، لطف الله به، إلى أبي إسحاق إبراهيم الشاطبي، وصل الله حفظه" المعيار ١٢/ ٢٩٣.
٢ المعيار: ١٢/ ٢٩٣.
٣ المعيار: ١/ ١٢٣. وقد تقدم تمام النص، قريبًا.

<<  <   >  >>