للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقويها ويحكمها ويحصنها. وإذا كان كذلك. لم يثبت نسخ لكلي البتة. ومن استقرى كتب الناسخ والمنسوخ تحقق هذا المعنى. فإنما يكون النسخ في الجزئيات منها، والجزئيات المكية قليلة١.

وعند تطرقه إلى الحديث عن السنة -بعد الحديث عن القرآن- وقف وقفة أخرى، استخدم فيها النظرة "المقاصدية"٢، في الربط بين أدلة الشريعة، قرآنا وسنة، وفي الربط بين مناحي البناء التشريعي بكلياته وجزئياته.

فكما أنه -رحمه الله- لاحظ أن القرآن المدني بتفصيلاته، قد بني على القرآن المكي وكلياته، لاحظ أيضًا -وبين- أن السنة قد بنيت -بشكل تام- على القرآن الكريم، لأن مدارهما واحد، هو مقاصد الشريعة في إقامة المصالح الضرورية والحاجية والتحسينية.

ورغم أني أتحاشى النقول الطويلة، فإني الآن لا أجد بدا من نقل هذا النص الطويل الرابع المفصل، وهو تفصيل لا نجده حتى موضعه الطبيعي، وهو كتاب المقاصد.

ومنطلق النص: بيان أوجه الترابط والتكامل بين القرآن والسنة، وكيف أن القرآن هو أصل السنة، وأن السنة نابعة منه، ومنبنية عليه، ففي سياق تعداد هذه الأوجه وبيانها، قال:

"ومنها: النظر إلى ما دل عليه الكتاب في الجملة، وأنه موجود في السنة على الكمال، زيادة إلى ما فيها من البيان والشرح، وذلك أن القرآن الكريم أتى بالتعريف بمصالح الدارين جلبًا لها، والتعريف بمفاسدهما دفعًا لها. وقد مر أن المصالح لا تعدو الثلاثة الأقسام، وهي: الضروريات، ويلحق بها مكملاتها.


١ الموافقات: ٣/ ١٠٤-١٠٥.
٢ أضعها بين قوسين لما هو معروف عند أهل اللغة من عدم صحة النسبة إلى الجمع، ولكني مضطر إلى ذلك، مثلما اضطروا قديمًا إلى القول: "أصولي" نسبة إلى أصول و "أعرابي" نسبة إلى أعراب، وما أشبه ذلك.

<<  <   >  >>