للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه القاعدة تفيدنا جدا، في موضوع سيأتي التفصيل فيه، إن شاء الله، وهو "بماذا تعرف مقاصد الشارع؟ "١.

غير أنه -ونحن في مسائل الأسباب- من الضروري أن نصل بين هذه المسألة "الرابعة"، وبين مسألتين أخريين تأخرتا عنها كثيرًا، وكان ينبغي اتباعها بهما، وهما المسألتان الثانية عشرة والثالثة عشرة٢. لأن مضمونهما فيه تفصيل وتقييد لما اتسمت به هذه المسألة من إجمال وإطلاق.

فالذي قد يفهم من المسألة الرابعة، هو أن كل ما يترتب عن الأسباب من مسببات، فهو مقصود لواضع الأسباب، وهو الله سبحانه. وهذا تعميم خطيرًا.

وأما في المسألتين المشار إليهما، فنجد أن: "المسببات -بالنظر إلى أسبابها- ضربان:

أحدهما: ما شرعت الأسباب لها، إما بالقصد الأول -وهي متعلق المقاصد الأصلية، أو المقاصد الأول أيضًا- وإما بالقصد الثاني، وهي متعلق المقاصد التابعة، وكلا الضربين٣ مبين في كتاب المقاصد٤.

والثاني: ما سوى ذلك، مما يعلم أو يظن أن الأسباب لم تشرع لها، أو لا يعلم ولا يظن أنها شرعت لها أو لنم تشرع لها. فتجيء الأقسام ثلاثة٥.

فلأقسام الثلاثة إذًا هي:

١- المسببات التي عرفنا أن الأسباب شرعت لأجلها.

٢- المسببات التي عرفنا أن الأسباب لم تشرع لها.

٣- المسببات التي لم نعرف إن كانت الأسباب شرعت لها أم لا.


١ الفصل الثالث من الباب الثالث. فضم ما هنا إليهما سيأتي هناك، حتى لا أقع في التكرار.
٢ الموافقات: ١/ ٢٤٣ إلى ٢٥٨.
٣ أي المقاصد الأصلية والمقاصد التبعية، وهما معا داخلان في الضرب الأول من المسببات، وهي التي شرعت الأسباب لأجلها.
٤ انظر المسألة الثانية من النوع الرابع، أو راجع في ذلك الفصل السابق من هذا البحث.
٥ الموافقات: ١/ ٢٤٣-٢٤٤.

<<  <   >  >>