وواضح أن كلامه يتضمن تشكيكًا -إن لم يكن إنكارًا- في كون الأوامر والنواهي الضمنية "غير المباشرة" تدل على مقصود للشارع، رغم أنه قرر وكرر مرارًا أن مكملات ومقويات ووسائل المقاصد، هي أيضًا مقصودة للشارع. وإن كانت مقاصد تبعية ومقصودة بالقصد الثاني. فالمهم أنها "مقصودة" أيضًا. وهذا هو القول الصواب. وإلا، فكيف نتصور تحقيق مقصود شرعي مع التشكيك في قاعدة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقاعدة: الأمر بالشيء نهي عن ضده؟
كيف يقصد الشارع أمرًا، ولا يقصد ما لا يتم إلا به؟! وكيف يقصد الشارع أمرًا مع الإذن في ضده الذي يمنعه وينفيه؟
وحيث لم يشفع لهاتين القاعدتين، عنده، كونهما محققتين للمقاصد التبعية، وحاميتين للمقاصد الأصلية، وهو شيخ المقاصد، فلا أقل من التسليم بمنطقيتهما، ويكون جمهور الأصوليين آخذ بهما، على ما صرح به شيخه الشريف التلمساني في "مفتاح الوصول"، حيث قال:"الأمر بالشيء هل يقتضي وسيلة المأمور به، أو لا يقتضيها؟ وهو معنى قولهم: ما لا يتم الواجب إلا به هل هو واجب أولًا؟
اختلف الأصوليون في ذلك: فجمهورهم يرى: أن الأمر يقتضي جمع ما يتوقف عليه فعل المأمور به".
ثم قال في المسألة التالية:"اختلفوا في الأمر بالشيء، هل هو نهي عن ضده؟
فجمهور الأصوليين والفقهاء عن أن الأمر بالشيء نهي عن ضده"١.
وهذا ما يؤكده أحد الأصوليين المتأخرين، مع ذكره أيضًا لمن خالفوا الجمهور في المسألة، وهو محمد صديق حسن خان بهادر، حيث يقول: "ذهب الجمهور من