للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضرورات، ومنها ما هي في رتبة الحاجات، ومنها ما هي في رتبة التحسينيات والتزيينات. ولكل مرتبة مكملات"١.

وقد جاء هذا التقسيم عند الإمام الغزالي على درجة كبيرة من الوضوح والاستقرار، مع إبرازه لما بين المراتب الثلاث من تفاضل وتكامل، وإعطائه الأمثلة الكافية لكل مرتبة، ولمكملات كل مرتبة، من المراتب الثلاث، وإن كانت مسألة تصنيف الأحكام الشريعة في هذه المراتب، وفي مرتبتي الحاجات والتحسينات بصفة خاصة، إنما هو عمل اجتهادي تقريبي ليس إلا.

وقد أصبحت هذه الخطوات التي خطاها الإمام الغزالي، وأصبحت هذه المبادئ التي نقحها وحررها في مقاصد الشريعة، هي المبتدأ والمنتهى لعامة الأصوليين الذين جاءوا بعده. حتى نصل إلى الإمام الشاطبي، الذي يمثل المنعطف الثالث في تاريخ علم أصول الفقه.

ولعل من الأسباب التي خلدت كلمات الإمام الغزالي عن مقاصد الشريعة، وجعلت الأصوليين -لعدة قرون- لا يتجاوزون تكرارها، هو أنها جاءت تتويجًا لما سبقه من الإشارات والتنبيهات في هذا الموضع، وتتويجًا لخطواته هو نفسه. ولهذا اتسمت -كما سبقت الإشارة- بدرجة عالية من التنقيح والتركيز والوضوح. أعني: في كتابه الأخير "المستصفى".

فخر الدين الرازي "ت ٦٠٦":

يمكن القول -باختصار- إن الإمام الرازي قد أورد في كتابه "المحصول" كل ما سبق عند الجويني والغزالي. ولا غرابة في هذا، فكتابه إنما هو تلخيص لكتب "المعتمد"، لأبي الحسين البصري، و"البرهان" للجويني، و"المستصفى" للغزالي. ومما يذكر في ترجمته أنه كان يحفظ "المعتمد" و"المستصفى" عن ظهر قلب٢.


١ شفاء الغليل، ١٦١-١٧٢. والمستصفى، ١/ ٢٨٦-٢٩٣.
٢ انظر: نهاية السول، للأسنوي، ١/ ٤.

<<  <   >  >>