للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشريعة وأدلتها، ومتمتعا بالتطبيق في محاكم المسلمين وبلدانهم"١.

والفقه الإسلامي الذي ندعو ونعمل لأجل تجديده وتقويته وبعث صفاته وحيويته، وربطه بمقاصد الشريعة وكلياتها، هو من أفضل الضمانات لإيجاد ضوابط شرعية لحياة إسلامية معاصرة، ذلك أن الفقه الإسلامي بشموليته التي لا يحدها شيء، وبمصادره وضوابطه التي لا يشوب إسلاميتها شيء، هو أكثر العلوم الإسلامية إسلامية، وأبعدها عن كل تأثير أجنبي٢، وقد نبه على هذه الملاحظة الهامة الأستاذ علال الفاسي وأكد عليها مرارًا في كتابه "دفاع عن الشريعة"٣. فقد تسلم بتسرف التأثير الأجنبي إلى علوم إسلامية لها وزنها وخطرها -على تفاوت في ذلك- مثل جوانب من علم الكلام التي دخلتها التأثيرات اليونانية، وبضع جوانب من علم التصوف. كما أن بعض الأصوليين قد استهواهم المنطق اليوناني فولعوا به وحاولوا مزجه بعلم أصول الفقه، حتى ذهب الإمام الغزالي إلى أن من لم يتقن علم المنطق لا يوثق بعلمه٤. وأما التفسير فكان مجالًا رحبًا لترويج مختلف الأقاويل والنحل من الإسرائيليات إلى الفلسفيات التي ذهب ابن رشد الحفيد إلى أن معرفتها لا بد منها لفهم مقاصد القرآن٥.

"ولكنك -كما يقول علال الفاسي- لا تجد أي أثر من آثار المدارس الفقهية الأجنبية في الفقه الإسلامي، سواء منه ما يتعلق بالعبادات أو ما يتعلق بالمعاملات وغيرها من أبواب الشريعة"٦. "فإذا أردنا أن نعيد بناء الفكر الإسلامي على حقيقته، فما علينا إلا أن ندرس الفقه الإسلامين، ونعمل على تطبيقه في محاكمنا ومعاملاتنا"٧. ونبني فقه المقاصد لنحقق هويتنا، ونبني أصالتنا المعاصرة، ونستعيد دورنا، ونشيد دعائم شهودنا الحضاري، على هدي من فقهنا الحضاري.


١ مقاصد الشرعية الإسلامية ومكارمها. ص١٦١.
٢ نعم يشاركه في هذا الصفاء والنقاء من التأثيرات الخارجية علم الحديث -فهو أيضًا علم إسلامي خالص- ولكنه محدود الوظيفة والاختصاص. ومنهجه محتوى في مناهج الفقه وأصوله.
٣ انظر الصفحات: ٦٩-٧٠-٧١-١٤٩.
٤ انظر المستصفى: ١/ ١٠.
٥ فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال.
٦ دفاع عن الشريعة ص٧٠.
٧ المرجع السابق ص٧١.

<<  <   >  >>