للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التصوير لما تجول فيه عيناها من مشاهد المدن والبلدان. وكلما كان الكاتب عميقا في إحساسه دقيقا في تصويره، ازدادت متعة القارئ بما يقرأ ومحاولته أعادة تشكيل التجربة التي مر بها الكاتب في نفسه.

ويمثلها في أدبنا "رحلة" لأحمد أمين١ و"رغيف وإبريق ماء" و"غدا تنتهي الحرب" لميخائيل نعيمة٢ و"في الزورق" للعقاد٣.

٥- مقالة السيرة: وهي صورة حية لإنسان حي. تختلف عن الترجمة في النوع والدرجة الفنية. فكاتب التراجم يعنى بجمع المعلومات وتنسيقها وعرضها عرضا علميا واضحا، ولكنه يتوارى خلف موضوعه، ولا يحاول أن يكشف الغطاء عن شخصيته في كثير أو قليل. أما كاتب السيرة المقالية، فإنه يصور لنا موقفا إنسانيا خاصا من شخصية إنسانية، فيعكس لنا تأثره بها وانطباعاته الخاصة عنها ويحاول أن يخطط معالمها الإنسانية تخطيطا فنيا واضحا، معتمدا على التنسيق والاختيار، بحيث تتراءى لنا الشخصية الموصوفة، وكأنها حية متحركة تحدثنا ونصغي لها وتروقنا بعض صفاتها فنعجب بها أو تسوءنا فننفر منها، ومقالة السيرة بالنسبة إلى السيرة الكبيرة، كالأقصوصة بالنسبة إلى القصة. الأولى تصور شريحة من الحياة أو قطاعا من الشخصية بلمسات سريعة موحية، والثانية تعرض حياة متكاملة، بريشة متأنية بطيئة تعنى بجزئيات الخطوط، وتبرز مختلف الملامح والقسمات بألوان قد تكون فائقة قوية هنا، وباهتة ضعيفة هناك. ومن أمثلتها في أدبنا "شخصية عرفتها" و"الشيخ مصطفى عبد


١ قبض الخاطر ج٢: ١٠٠، ج٣: ١٧٨.
٢ البيادر: ١٦٦، ١٩٥.
٣ الفصول: ٢٥١.

<<  <   >  >>