للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" أخرجاه.

ــ

ظلمت أصحاب الأموال، وإن أخذت الرديء ظلمت الفقراء، إذا أخذت الوسط اعتدلت.

"وإياك وكرائم" تخدير من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه وجب العدل على الولاة، وعدم الظلم.

"واتق دعوة المظلوم" هذه وصيّة هامة، يجب على الراعي والأمير وكل مسلم أن يحذر من دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب، أي دعوة المظلوم مستجابة، حتى ولو كان كافراً: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} فالمظلوم ترفع دعوته إلى الله عزّ وجلّ، والله جل وعلا يجيب دعوة المظلوم.

وهنا سؤال أورده العلماء على هذا الحديث، يقولون: الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر ثلاثة أركان، الشهادتان والصلاة والزكاة، ولم يذكر الصيام، ولم يذكر الحج، فما الجواب عن هذا؟

فيه أجوبة كثيرة، لكن أصحها والذي اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله: أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقتصر على الأركان العظيمة الأساسية التي يقاتَل من تركها، وهي: الشهادتان والصلاة والزكاة، قال الله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا} يعني: شهدوا أن لا إله إلاَّ الله، وأن محمداً رسول الله {وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} .

فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الحديث ذكر الأركان التي يُقاتل عليها، وهي: الشهادتان والصلاة والزكاة. هذا من ناحية.

والناحية الثانية: أن هذه أركان ظاهرة، يراها الناس ويسمعونها، أما الصيام فهو أمر خفي بين العبد وبين ربه، والحج لا يجب على كل أحد، وإنما يجب على من استطاع إليه سبيلاً، وأيضاً إنما يجب مرة في العمر، بخلاف الشهادتين، فإن الإنسان يلازمها طول الحياة، ولا يتخلى عنها، والصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرّات، والزكاة كل عام، أما الحج فإنه يجب مرة واحدة في العمر، ولا يجب

<<  <  ج: ص:  >  >>