للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن هم أطاعوك لذلك؛ فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم.

فإن هم أطاعوك لذلك؛ فإياك وكرائم أموالهم.

ــ

الثاني: لما حقق الركن الأول والأساس، انتقل إلى الركن الثاني وهو الصلاة، وهذا يدل على أهمية الصلاة، وأنها تأتي بعد التّوحيد مباشرة.

فمن لم يصل فإنه ليس بمسلم، وإن كان يشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأن محمداً رسول الله. كما دلت على ذلك الأدلة مثل قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة" وغيره من الأدلة.

وقوله: "فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم" هذه هي الزكاة، وهي قرينة الصلاة في كتاب الله وفي سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي الركن الثالث من أركان الإسلام.

"تُؤخذ من أغنيائهم" في هذا دليل على أن الزكاة لا تجب على الفقير، وإنما تجب على الغني وهو من يملك النِّصاب فأكثر.

"فتردُّ في فقرائهم" هذا فيه مصرف من مصارف الزكاة، فالفقراء صنف واحد من الأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} إلى آخر الآية.

واستدل العلماء -رحمهم الله- بهذا على أن الزكاة لا تحل لغني، وأن مصرف الزكاة يجوز الاقتصار فيه على صنف واحد من الأصناف الثمانية، لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هنا اقتصر على الفقراء، ويدخل فيهم المساكين.

واستدلوا به- أيضاً- على أن مصرف الزكاة في البلد الذي فيه المال، لا ينبغي نقلها إلى بلد آخر، إلاَّ إذا كان البلد الذي فيه المال ليس فيه فقراء، فإنها تنقل إلى أقرب بلد فيه فقراء من بلدان المسلمين.

"فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم" الكرائم جمع كريمة وهي: النفيسة من المال، يعني: لا تأخذ في الزكاة أحسن الأموال، لأن هذا فيه إجحاف بهم، كما أنك لا تأخذ أردأ المال، لأن هذا فيه ظلم للفقراء، ولكن خذ المتوسط، بين النفيس وبين الرديء، هذا هو العدل، إن أخذت النفيس

<<  <  ج: ص:  >  >>