للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله".

فإن هم أطاعوك لذلك؛ فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة.

ــ

نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} ، {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} ، {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} ، {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ} ، فكل رسول أول ما يبدأ بالدعوة يبدأ بشهادة أن لا إله إلاَّ الله، فيدعو إلى التّوحيد، وإلى تصحيح العقيدة، ثم بعد ذلك يأمرهم ببقية أوامر الدين، أما إنه يبدأ بالعكس، يبدأ بالأمور الجزئية والأمور الفرعية، ويترك الأصل، فهذا العمل لا ينفع، فلو فرضنا أن المجتمع صار بعيداً عن الربا، ويحافظ على الصلاة، وتمتلئ المساجد، وكل الأعمال تُعمل، لكن ليس هناك إخلاص في التّوحيد فهم يدعون غير الله، يدعون الأولياء والصالحين والأنبياء والقبور، فلا فائدة في أعمالهم، وهؤلاء ليسوا مسلمين، مهما صلوا وصاموا.

"وفي رواية: "إلى أن يوحدوا الله" لماذا جاء الشيخ بهذه الرواية؟، لأنها تفسِّر شهادة أن لا إله إلاَّ الله، بأن معناها: توحيد الله سبحانه وتعالى وإفراده بالعبادة، ليس المقصود منها اللفظ فقط، بأن يقول أشهد أن لا إله إلاَّ الله، بل لابد أن يوحّد الله في العبادة، أما إذا نطق بها بلسانه ولم يوحّد الله في العبادة، فلا تنفعه شهادة أن لا إله إلاَّ الله.

وفي هذا دليل على عموم رسالة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه مبعوث إلى العالم كله، بما فيهم أهل الكتاب، كما كتب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهِرَقْل عظيم الروم، وكما كتب للمُقَوْقِس ملك مصر، وكما كتب لكِسْرى ملك الفُرس، وكما كتب لملوك الأرض، لأن الله أرسله إلى الناس عامة: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} .

وقوله: "فإن هم أطاعوك لذلك" يعني: شهدوا أن لا إله إلاَّ الله، وأن محمداً رسول الله وعملوا بمقتضاهما.

"فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل بوم وليلة" هذا الركن

<<  <  ج: ص:  >  >>