للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأعطاه الراية فقال: "انفذ على رِسْلِك حتى تنزل بساحتهم".

ــ

المعروفة عند الأطباء. ويُروى أنه أصابه في المدينة، وأنه لم يخرج مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبب المرض، ولكن بعدما ذهب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو وأصحابه من المدينة، ضاقت عليه نفسه، وقال: كيف أتخلف عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، فخرج وهو مريض، ولحق بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما طابت نفسه أن يبقى بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهكذا كان صحابة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} .

"فأرسلوا إليه" أرسل إليه من يأتي به.

"فأتي به، فبصق في عينيه" يعني: تفل من ريقه الطيب الطاهر في عيني علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

"ودعا له" بالشفاء.

"فبرأ كأن لم يكن به وجع" وهذا- أيضاً- كن معجزاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى قال علي "لم يصبني رمد بعد ذلك" يعني: استمر هذا الشفاء طول حياته رضي الله عنه؛ ببركة ريق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ولا شك أن التبرك بريق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعَرَقِه وبوضوئه أمر مشروع، وهذا خاص بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما غيره فلا يُتبرك بشيء منه، لا يتبرك بشيء من الصالحين والأولياء، لأن هذا خاص بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأفضل الأمة بعد نبيِّها هو أبو بكر رضي الله عنه، ومع ذلك لم يُتبرك بريقه ولا بعرقه رضي الله عنه، ما فعله الصحابة معه لعلمهم أن هذا لا يجوز إلاَّ في حق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيما انفصل من جسده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما أن يُتبرّك بحجرته أو بقبره، فهذا لا يجوز، لأن هذا ليس منفصلاً عن جسد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسوف يأتينا باب خاص بمن تبرّك بشجرة أو حجر أو نحوها.

وقوله: "فأعطاه الراية" دفعها إليه.

ثم إنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرشده وأوصاه على عادته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع قُوّاده وأمرائه إنه كان يوصي القُوّاد والأمراء حينما يبعثهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>