للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما أصبحوا غدو على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلهم يرجو أن يُعْطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ ".

فقيل: هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه، فأُتي به، فبصق في عينيه، ودعا له؛ فبرأ كأن لم يكن به وجع.

ــ

الصحابة يهتمون بالفضائل، ويهتمون بأمور الآخرة، أكثر مما يهتم أهل الدنيا بدنياهم، وأنهم يتنافسون في الخيرات.

حتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "ما تمنيت الإمارة إلاَّ هذه الليلة"،"تمنى أن يكون هو ذلك الأمير الذي يقود الجيش، ويفتح هذا البلد، حتى ينال هذه الميزة: "يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله".

وقوله: "فلما أصبحوا غدوا على رسول الله" يعني: ذهبوا إليه مبكِّرين، من الغَدْوة، يقال: غدا إذا ذهب في الغُدُو وهو الصباح، ويقال راح إذا ذهب في المساء، وقت الرّواح، فالغُدُوُّ: الذهاب في أول النهار، والرواح: الذهاب في آخر النهار.

"كلهم يرجو أن يُعطاها" أي: كلٌ يرجو أن يكون هو ذلك الرجل، لرغبتهم في الجهاد في سبيل الله، وإعلاء كلمة الله، والحصول على هذه البَشارة العظيمة.

قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أين علي بن أبي طالب؟ " قال الشيخ رحمه الله: في هذا دليل على: "الإيمان بالقدر، لحصولها لمن لم يسع لها، ومنعها عمن سعى"، وأن الإنسان وإن فعل السبب فإنه قد لا يحصل على المطلوب، لكنا مأمورون بفعل الأسباب، أما النتائج فأمرها إلى الله سبحانه وتعالى، لكن يُؤجرون على مسعاهم، وعلى نيتهم الطيّبة، وعلى رغبتهم في الخير، وعلى خطواتهم ومشيهم إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقال الشيخ- أيضاً-: "فيه تَفَقُّد الإمام أو القائد لجنده" يعني: من حضر ومن تخلف.

"قال: أين علي؟ " هذا تَفَقُّد للجند، ما سكت وترك الذي لم يحضر، بل تَفَقُّده، فالإمام والقائد يَتَفَقَّد جنوده، يَتَفَقَّد رعيّته، ولا يسمح لأحد أن يتخلف من غير عذر.

"قيل: هو يشتكي عينيه" أي أصابه رمد، وهو مرض من أمراض العيون

<<  <  ج: ص:  >  >>