للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله؛ يفتح الله على يديه" فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها".

ــ

قال "لأعطين الراية الراية هي: العَلَمِ الذي يحمله الجُند، من أجل أن يهتدوا به، ويَلْتَفُّوا حوله في القتال، وحمل العَلَم في الغزو من سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان له رايات، وكان مكتوباً في رايته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله.

"رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله"، هذه مِيزة عظيمة لهذا الرجل الذي يُعطيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الراية، ففيه فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهد له بهذه الشهادة العظيمة أنه يحب الله ورسوله، وأنه يحبه الله ورسوله، وله فضائل كثيرة، وان كان الله جل وعلا يحب المؤمنين كلهم، والمؤمنون يحبون الله، كما قال الله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} .

فالحاصل؛ أن مِيزة محبة الله ورسوله للمؤمنين موجودة في كل مؤمن ومؤمنة عموماً، ولكن شهادة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلي بن أبي طالب بخصوصه فيها مزية له. ففي هذا ردٌّ على الخوارج، الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وكفّروه، كما أن فيها ردّاً على النواصب الذين يُبغضون علياً، ويسبُّونه، وفيها إثبات فضيلة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ابن عم الرسول، ورابع الخلفاء الراشدين، وفي هذا-أيضاً- إثبات صفة لله سبحانه وتعالى، وأنه يحب عباده المؤمنين، فالله يحب عباده المؤمنين، ويحب أولياءه، ففيه إثبات المحبة لله عزّ وجلّ، ردًّا على من ينفي هذه الصفة من الأشاعرة وغيرهم.

"يفتح الله على يديه" هذه المِيزة الثانية لعلي بن أبي طالب أن الله جل وعلا يفتح هذا البلد المستعصي على يد هذا الولي من أوليائه.

وفيه: علامة من علامات النبوّة، حيث إن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر عما يحصل في المستقبل، وقد حصل كما أخبر به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فالناس لما سمعوا هذه البشارة العظيمة، وسمعوا وصف هذا الرجل الذي يتولى ذلك، من صحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهتموا بهذا الأمر لمحبتهم للخير، وباتوا ليلتهم "يَدُوكُون"؛ يبحثون عنه، مثل ما مَرّ معنا في السبعين الألف الذين أخبر عنهم رسول الله: "ثم نهض ودخل منزله، فخاض الناس في أولئك"، وهذا دليل على أن

<<  <  ج: ص:  >  >>