للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"التّمائم": شيء يعلّقونه على الأولاد يتقون به العين.

لكن إذا كان المعلّق من القرآن؛ فرخّص فيه بعض السلف، وبعضهم لم يرخّص فيه، ويجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه.

ــ

ثم إن الشيخ محمد رحمه الله شرح هذه الألفاظ، فقال: "التّمائم شيء يعلِّقونه على الأولاد يتّقون به العين" ثم قال مفصِّلاً الحكم في هذا: "لكن إذا كان هذا المعلَّق من القرآن؛ فقد رخّص فيه بعض السلف" يعني: إذا كانت التَمِيمَة مكتوبة من القرآن؛ فقد رخّص فيها بعض السّلف، مثل: عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، وعائشة، لأنها من القرآن، والتشافي بالقرآن ليس فيه محذور شركي، فهو كلام الله سبحانه وتعالى.

"وبعضهم" أي: بعض الصحابة، "لم يرخِّص فيه " حتى لو كان من القرآن، منهم: عبد الله بن مسعود- راوي الحديث-، وسيأتي الأثر عن إبراهيم أنه قال: "كانوا يكرهون التّمائم من القرآن ومن غير القرآن"، وإبراهيم النخعي تلميذ لابن مسعود.

هذا اختلاف السلف في تعليق التّمائم من القرآن، فقد اختلفوا في هذا على قولين: منهم من أجاز، نظراً لأن هذا من القرآن، وهو كلام الله سبحانه وتعالى، والتداوي بكتاب الله والاستشفاء بكتاب الله مشروع، ومنهم من منع هذا ولم يرخِّص فيه لعموم النهي عن التمائم.

وبناءً على ذلك اختلف الفقهاء من بعد الصحابة في هذه المسألة على قولين:

منهم من أجاز؛ أخذاً برأي من أجاز من الصحابة، ومنهم من منع.

والصحيح: الرأي الثاني وهو المنع، والشيخ عبد الرحمن بن حسن وقبله الشيخ سليمان بن عبد الله رجَّحا منعه، وذلك لثلاثة أمور:

الأمر الأول: عموم النهي، ولم يَرِد دليل يخصّص ذلك.

الأمر الثاني: سدّ الوسيلة المُفضية إلى الشرك، لأننا إذا أجزنا تعليق القرآن انفتح الباب لتعليق غيره.

الأمر الثالث: أن تعليق القرآن يعرِّضه للامتهان، لأنه يعلّق على الصبيان، والصبيان لا يتجنّبون النجاسة أو الدخول في مواضع القاذورات، وكذلك الجُهّال لا يحترمون القرآن كما ينبغي، ولا يتنّبهون لذلك، وما كان سبباً لتعريض القرآن للامتهان فهو محرّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>