للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"الرُّقى": هي التي تُسَمَّى العزائم، وخص منها الدليل ما خلا من الشرك، فقد رخّص فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من العين والحُمَة.

ــ

والذين أجازوا- وهم أصحاب الرأي الأول- اشترطوا ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن تكون التَمِيمَة من القرآن.

الشرط الثاني: أن تكون مكتوبة باللفظ العربي، فلا تُكتب بلفظ أعجمي أو بخط لا يُقرأ.

الشرط الثالث: أن يعتقد أن الشفاء من الله لا من هذه التَمِيمَة، وإنما هذه التَمِيمَة سبب فقط.

قال الشيخ: "والرُّقى: هي التي تُسمى العزائم" الرُّقى: جمع رقية، والرُّقْيَة: القراءة على المريض. ويسميها العوام العزيمة.

قال الشيخ: "وخصّ منها الدليل ما خلا من الشرك" أي: استثناه من التحريم فهناك أدلة تفصِّل بأنه إن كانت الرُّقْية من القرآن أو من الأدعية المباحة فإنها ليست بشرك، بدليل أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخّص في الرُّقْية من العين ومن الحُمَة كما جاء في حديث بُريدة بن الحُصين الذي سبق في "باب من حقق التّوحيد"، وكذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقى المرضى، ورُقي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ رَقاه جبريل، وكذلك لما جاءوا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسألونه قالوا: كنا في الجاهلية لنا رُقى نرقي بها وأدوية نتداوى بها، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اعرضوا علي رُقَاكُم، لا بأس بها ما لم تكن شركاً".

وقوله: "فقد رخص فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من العين والحمة" الرُخصة عند الأصوليين: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، لأن الأحكام على قسمين: رُخصة، وعزيمة. فالشيء المستثنى من الممنوع بدليل يسمى: رُخصة، مثل: الأكل من الميتة، وقصر الصلاة للمسافر، هذا يسمى رخصة، كذلك الإفطار في نهار رمضان، كل هذه رُخص، رخّص فيها الشارع من أشياء كانت في الأصل ممنوعة، وذلك من أجل الرّحمة بالخلق، وكذلك الرقية في القرآن استثنيت من الرقى الممنوعة بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك"، فهي رخصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>