للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"التِّوَلَة": هي شيء يصنعونه، يزعمون أنه يحبِّب المرأة إلى زوجها، والرجل إلى امرأته.

وروى أحمد عن رُوَيْفع قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يارُوَيْفِع، لعل الحياة ستطول بك؛ فأخبر الناس: أن من عقد لحيته، أو تقلّد وَتَراً، أو استنجى برجيع دابة أو عظم؛ فإن محمداً بريء منه".

ــ

قوله: "والتِّوَلَة" بكسر التاء وفتح الواو، "شيء يصنعونه، يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها، والرجل إلى امرأته" "يزعمون" أي: يكذبون، والزعم: الكذب، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا} ، يعني: يكذبون في قولهم أنهم آمنوا.

" أنه يحبِّب المرأة إلى زوجها، والرجل إلى امرأته" هذا يسمونه: الصّرف والعطف، وهو سحر، قال الله سبحانه وتعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} ، فهو سحر يفرِّق ويَجْمع، لأنه عمل شيطاني، يعمل أشياء تنفِّر الإنسان من الإنسان، أو الرجل من زوجته، أو الزوجة من زوجها، وهو من عمل الشياطين. فالسحرة لما تقرّبوا من الشياطين وخدموهم وأشركوا بالله، فالشياطين في مقابل ذلك ساعدتهم في هذه الأمور. وهذا كثير في الناس، خصوصاً إذا ضعف في الإيمان، وخصوصاً في البلاد التي لا يُعتنى فيها بأمر العقيدة، فإن السحر يُتخذ حِرْفَة ومهنة في بعض البلاد، ولكن من نعمة الله على هذه البلاد أن هذا الشيء لا يوجد فيها إلاَّ خُفية، لكنه يُطارد، وأهله- والحمد لله- أذِلاء.

قوله: "وروى أحمد عن رويفع".

"رُوَيْفِع" هو رُوَيْفِع بن ثابت الأنصاري- رضي الله تعالى عنه- تولّى إمارة بُرْقة في عهد الخلفاء في مصر، وتوفي هناك رضي الله عنه، وقد طال عمره.

قال: "لعل الحياة ستطول بك" هذا إخبار من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رُوَيْفِعاً يعمّر، وقد عُمّر، ففيه: عَلَم من أعلام النبوة، وهو الإخبار عن شيء مستقبَل، ويقع كما أخبر به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا مما أطلعه الله تعالى عليه.

"فأخبر الناس" هذا فيه دليل على تبليغ العلم، ونشر العقيدة، والدعوة إليها،

<<  <  ج: ص:  >  >>