للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن سعيد بن جبير قال: "من قطع تَمِيمَة من إنسان؛ كان كعدل رقبة" رواه وكيع.

ــ

"برجيع دابة" الرجيع زوث الدواب، "أو عظم، فإن محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بريء منه" وهذا وعيد شديد يدل على تحريم هذا الفعل، وهو الاستجمار بروث الدواب والعظام، لأن هاتين المادتين طعام الجن وطعام دوابهم فلا يلوثهما عليهم.

قوله: "عن سعيد بن جبير قال: من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة" أي: كان كمن أعتق رقبة من الرِّق، والمناسبة أن اعتاق العبد فيه اعتاق من الرِّق، وقطع التَمِيمَة فيه إعتاق من الشرك، لأن الشرك رِقّ للشيطان بدل الرِّق للرحمن، ورحم الله الإمام ابن القيم حيث يقول:

هربوا من الرِّق الذي خلقوا له ... فبُلُوا برق النفس والشيطان

يعني: هم أرقاء لله، عبيد لله، لكن لما أشركوا به صاروا عبيداً للشيطان، وعبيداً للنفس والهوى، فالإنسان خلق لعبادة الله، فإذا تركها صار عبداً للشيطان، فهو عبد ولابد.

فالذي يزيل هذه الظاهرة الشركية عن مسلم يكون كمن أعتقه من الرِّق في الأجر والثواب.

وسعيد بن جبير رحمه الله اعتبر الشرك رقًّا، من أزاله فكأنما أعتق هذا العبد من هذا الرِّق الذّليل المهين، وجعله حُرًّا من عبادة المخلوق، عبداً لله سبحانه وتعالى لا يعبد غيره، فعبادة الله جل وعلا هي الحرية الصحيحة، ليست الحرية أن الإنسان يشرك ويكفر ويعتقد ما شاء، كما يقولون: الناس أحرار في اعتقادهم لا بل الناس خلقوا لعبادة الله، وعبادة الله ليست من باب الذل والمهانة، وإنما هو من الإكرام، ومن الرِّفعة، وهذا شرف، والله جل وعلا أكرم نبيه بالعبودية له، فقال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، فعبودية الله شرف، أما عبودية غيره فهي ذلّ ومهانة.

"رواه وكيع" ووكيع هو: وكيع بن الجراح، الإمام الجليل، روى عنه الإمام أحمد وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>