للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخلوق، وإنما هي كسائر صفاته سبحانه وتعالى، نصِفه بها كما وصف بها نفسَه، ولكن لا نشبّه رحمته -سبحانه- برحمة خلقه.

ثم قال بعد ذلك: "كتاب التّوحيد".

قد يسأل سائل فيقول: لماذا لم يبدأ كتابه بالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟

الجواب: أنه اكتفى رحمه الله بـ" {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} "؛ فإنها كافية في الثناء على الله سبحانه وتعالى، وكافية بالابتداء.

هذا جواب.

والجواب الثاني كما ذكر الشارح العلامة الشيخ: عبد الرحمن بن حسن رحمه الله يقول: "عندي نسخة بخط المؤلِّف فيها أنه بدأ هذا الكتاب بقوله: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد) .

فإذاً؛ يكون في هذه النسخة جمع بين الفضيلتين؛ البداءة بـ" {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} "، والبداءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، وهذا أكمل بلا شك، ثم قال: "كتاب التّوحيد".

"كتاب": مصدر كَتَبَ، والكَتْب في اللغة معناه: الجمعُ، سُمّيَ الكتاب كتاباً لأنه جمع الكلمات والنصوص، ففيه معنى الجمع، ولذلك سُمّي كتاباً، ومنه "الكتيبة" من الجيش، لأنها تجمع أفراداً من الجنود، ومنه سُمَي الخرّاز كاتباً؛ لأنه يجمع بين الرقاع.

و"التّوحيد" فصدر وَحَّدَ توحيداً، ومعناه: إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة؛ فمن أفرد الله بالعبادة فقد وَحَّده، يعني: أفرده عن غيره، يقال: وَحَّد وَثَنَّى وَثَلّث، وَحَّد معناه: جعل الشيء واحداً، وثَنّى يعني: جعل الشيء اثنين، وثَلّث: جعل الشيء ثلاثة، إلى آخره.

فـ"التّوحيد" معناه لغةً: إفراد الشي عن غيره.

أما معناه شرعاً: فهو إفراد الله- تعالى- بالعبادة. هذا هو التّوحيد شرعاً.

و"التّوحيد" ثلاثة أنواع- على سبيل التفصيل-:

<<  <  ج: ص:  >  >>