للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصدر لها جواب من قبل المشركين، ولن يصدر لها جواب إلى أن تقوم الساعة.

و" {اللاَّتَ} ": صنم في الطائف لبني ثقيف. وفي تفسيرها قولان لأهل العلم:

القول الأول: أنها بالتخفيف، وهو اسم حجر كبير أملس عليه نقوش، كانوا يتبرّكون به، ويطلبون منه قضاء حاجتهم، وتفريج كرباتهم.

والقول الثاني: أنه بالتشدّيد اسم فاعل من لَتَّ يَلُتُّ: وهو في الأصل رجل صالح، كان يَلُتُّ السّويق للجاج، وكان يُطعم الحجّاج من هذا الطعام تقرّباً إلى الله سبحانه وتعالى، فلما مات عَكَفُوا على قبره يتبرّكون به، كما حصل لقوم نوح لما غَلَوْ في الصالحين.

فالغُلُّو في الصالحين قديم، ولا يزال مستمرًّا وهو سنّة جاهلية من قديم الزمان، من عهد قوم نوح، ولا تزال.

فعلى التفسير الأول هو: تبرّك بالأحجار، وعلى التفسير الثاني هو: تبرّك بالقبور. وكِلا التفسيرين حق، فالآية تدلّ على منع التبرّك بالأحجار، ومنع التبرّك بالقبور، وما زال هذا الصنم يُعبد من دون الله إلى أن فتح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة في السنة الثامنة من الهجرة، وأمر بهدم هذا الصنم كغيره من الأصنام التي هدمت.

أما "وَالْعُزَّى" فكانت صنماً لأهل مكة، وهي عبارة عن شجرات ثلاث من السَّمْر، وعندها بَنِيَّة عليها أستار، وكانت لقريش ولأهل مكة يعبدونها من دون الله عزّ وجلّ. ولهذا قال أبو سفيان في يوم أحد بعد أن انتهت المعركة: لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أجيبوه، قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم"، هذا هو الرد الشافي، وفيما بعد منّ الله على أبي سفيان بالإسلام فأسلم، والإسلام يَجُبُّ ما قبله، والشاهد من هذا: أن العُزَّى كانت لأهل مكة، فلما فتح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة أرسل إليها خالد بن الوليد فهدمها وقطّع الأشجار، ثم رجع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره، قال: "لم تفعل شيئاً"، فرجع خالد رضي الله عنه، إليها مرّة ثانية فوجد عندها السَّدَنة، فلما رأوه هربوا إلى الجبال، فجاء فإذ بامرأة عريانة ناشرة شعرها، فعلاها بالسيف وقتلها، ثم رجع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخبره، قال: "تلك العُزَّى".

والواقع أن المشركين ليست عبادتهم لهذه الأصنام، وإنما عبادتهم للشياطين،

<<  <  ج: ص:  >  >>