للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى حُنَيْن، ونحن حُدَثاء عهد بكفر،...................................................................................................

ــ

فالشياطين هي التي تُغريهم، وتدعوهم إلى عبادتها، وهي التي تكلّمهم أحياناً، ويظنون أن الصنم هو الذي يتكلم، أو أن الميت هو الذي يتكلم.

أما " {وَمَنَاةَ} " فهي صنم قريب من المدينة، وكانت لقبائل من العرب. وكانوا يُحْرِمُون من عندها للحج والعمرة.

ولما فتح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة أرسل إلى مَنَاة علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهدمها.

فأين ذهبت هذه الأصنام؟، لو كانت آلهة لدفعت عن نفسها.

والشاهد من الآية الكريمة: بطلان التبرّك بالأشجار والأحجار، لأن هذه أشجار وأحجار، ولم تدفع عن نفسها فضلاً عن أن تدفع عن غيرها.

ففي هذا: بُطلان التبرك بالأحجار والأشجار، وفيه: أن من تبرّك بقبر أو بحجر أو شجر يعتقد فيه أنه ينفع ويضر من دون الله، أو أنه سبب لحصول البركة، أو تقرب إليه بشيء من العبادة؛ فهو مثل من عبد اللات والعُزَّى سواء، ولا فرق، بل من غلا في قبر من القبور فهو كمن عبد اللات، لأن اللات- على التفسير الثاني- هو رجل صالح، غَلَوا في قبره بعد موته، فالذين يعبدون القبور اليوم مثل الذين يعبدون اللاتّ سواء بسواء، والقرآن واضح في هذا، لكن يحتاج إلى التدبّر، ونبذ للتقاليد والعادات والبيئات الفاسدة، والتحرر من الخرافات والأباطيل، ورجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله، ففيهما الشفاء للقلوب.

قال "وعن أبي واقد الليثي" هذه كنيته، أما اسمه فهو الحارث بن عوف، و"الليثي" من بني الليث.

"قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى حُنَيْنِ" أي: غزوة حنين، وحنين اسم وادٍ بين مكة والطائف، وغزوة حُنَيْن كانت في شوال من السنة الثامنة من الهجرة، وذلك أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما فتح مكة، ونصره الله على قريش؛ خافت هوازِن على نفسها أن يصلها الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأرادوا أن يغزوا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يغزوهم، وجمّعوا أمرهم ليغزوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يريدون الدفاع عن أنفسهم، فلم يمهلهم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل غزاهم هو بنفسه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا هو الحزم والسياسة؛ أن ولي أمر المسلمين إذا علم أن

<<  <  ج: ص:  >  >>