للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجاز، فهو أول من غير دين إبراهيم- عليه الصلاة والسلام-، فهذه هي الآفة، هذه هي السُّنَن التي تعجّب منها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثم بيّن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطر هذه المقالة، فقال: "قلتم والذي نفسي بيده" أقسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففي هذا مشروعية القسم على الفتوى إذا تحقق من إصابة الحق.

"كما قالت بنوا إسرائيل لموسى: " {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} " النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن أن هذه عادة قديمة في العالم، وأنها حصلت على عهد موسى عليه السلام، وذلك أن الله لما نجّى بني إسرائيل من فرعون، وأغرق فرعون وقومه، ونجّى موسى وقومه، ومرّوا في طريقهم على قوم يعكفون على أصنام لهم.

{قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} طلبوا من موسى أنه يجعل لهم صنماً يعبدونه كهؤلاء الذين يعبدون الصنم، قال موسى عليه السلام: " {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} " السبب الذي أوقعكم في هذا هو الجهل بالتّوحيد، وهذا- كما ذكرنا- يُوجب على المسلمين أن يتعلموا العقيدة، ولا يكتفوا بقولهم: نحن مسلمون، نحن في بلاد إسلام، نحن في بيئة إسلامية، كما يقوله الجهال أو الذين يُثَبِّطون عن تعلّم العقيدة.

ففيه آفة الجهل، وان الجهل قد يوقع في الكفر بالله عزّ وجلّ، وهذه خطورة عظيمة، ولا يُنجّي من هذا الجهل إلاَّ تعلّم العقيدة الصحيحة، والتأكُّد منها، وتدريسها، وتكرارها على الناس، وتعليمها للناس، ونشرها بكل وسيلة في المساجد، وفي المدارس، وفي وسائل الإعلام، وفي المجالس، وفي البيوت، وقوله: {إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ} ، أي: عمل هؤلاء زائل وتالف {وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} لأنه شرك بالله عزّ وجلّ، {قَالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (١٤٠) } أي: أنا لا أَشْرَع لكم الشرك، وهل هذا جزاء النعمة أن الله فضلكم على العالمين، يعني: عالم زمانهم، أما بعد بِعثة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأفضل العالمين هم أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فالحاصل؛ أن التبرّك بالأشجار والأحجار هو من سنة المشركين، ومن سنة الجاهلية، ومن فعله فهو متشبه بالكفار، وهو كافر مثلهم، لا فرق بين من يعبد القبر ومن يعبد اللات والعُزَّى، أو الذي يطلب البركة من الشجرة والذي يطلبها من الصنم، لا فرق بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>