للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن علي رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله بأربع كلمات: "لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثاً، لعن الله من غير منار الأرض" رواه مسلم.

ــ

هذه النعمة العظيمة، بأن يصلِّي ويذبح لله عزّ وجلّ، ولهذا ربط بما قبله بفاء السببيّة.

والكوثر نهر في الجنة، وقيل: هو الخير الكثير، فهذا من باب الشكر لله سبحانه وتعالى على هذه النعمة، على إعطائه الكوثر، {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ (٣) } ، كان الكفار يذمّون الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويقولون: إنه أبتر، ليس له ذرية، وليس له مال، وإنه إذا مات سينتهي ذكره. {شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} ، والله جل وعلا يقول: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ (٣) } ، أما أنت فلست بأبتر، سيستمر ذكرك، ويستمر عملك، وتستمر دعوتك إلى يوم القيامة.

وصدق الله العظيم، أين ذكر أبي جهل؟، وأين ذكر أبي لهب؟، وأين ذكر صناديد الكفار؟، انقطع، ولا يذكرون إلاَّ بالذم- والعياذ بالله، أما رسول الله فإنه يُذكر بالخير والثناء، ويُذكر بكل فضيلة، ودعوته باقية، ودينه باق -ولله الحمد- على مرّ الزمان، بينما تتهاوى المذاهب الأخرى وتتساقط، وإن قويت شوكتها في بعض الأحيان، إلاَّ أنها تتهاوى، ودين الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتجدّد.

انظروا إلى الشيوعية في وقتنا الحاضر ماذا بلغت من القوة والإرهاب وإخافة العالم، وفي فترة وجيزة ذابت كما يذوب الملح في الماء، وأين هي الآن؟، لكن دين الإسلام لا يزال- ولله الحمد- يظهر ويتجدّد، ولو ضعف أهله، إلاَّ أنه هو بنفسه- ولله الحمد- دين يتجدّد ويظهر في مرّ الزمان، ومرّ المكان.

الشاهد من الآية: {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} ، ومن الآية: " {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) } ":

أن الله جل وعلا قَرَن النحر بالصلاة في الآيتين، فدلّ على أنه عبادة لا يجوز صرفها لغير الله.

قوله: "بأربع كلمات" يعني: أربع جُمَل، فالكلمات المراد بها الجمل.

وقوله: "لعن الله" اللعن معناه: الطرد والإبعاد عن رحمة الله سبحانه وتعالى.

"من ذبح لغير الله" أي: تقرَّب بالذبح لغير الله من الأصنام، ومن الأضرحة، ومن الأشجار والأحجار، والجن، وغير ذلك. فكل من تقرَّب بالذبح إلى غير الله فإنه قد لعنه الله سبحانه وتعالى، وهذا يدلّ على شدّة هذه الجريمة، فإن الله جل وعلا لا يلعن

<<  <  ج: ص:  >  >>