للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى الطبراني بإسناده أنه كان في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هذا المنافق،......................................

ــ

بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} ، لأنه في أول الآية قال: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو} ، وإذا كان الدعاء عبادة فصرفه لغير الله شرك، كما في الآية الأخرى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} ، يعني: عن دعائي، فسمّي الدعاء عبادة، وإذا كان الدعاء عبادة فصرفه لغير الله شرك.

قوله: "كان رجل" لم يذكر اسمه هنا، وورد أنه عبد الله بن أبي، رأس المنافقين.

"منافق" النفاق هو: إظهار الخير وإبطان الشر، وهو نوعان: نفاق اعتقادي، ونفاق عملي.

والنفاق الاعتقادي كفر أكبر، وصاحبه في الدرك الأسفل من النار، ومعناه: أن يُظهر الإيمان ويُبطن الكفر.

وسبب النفاق: أنه لما اعتزّ الإسلام بعد هجرة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صار هناك أُناس يريدون العيش مع المسلمين، ولكنهم لن يستطيعوا أن يعيشوا بين المسلمين إلاَّ إذا أظهروا الإسلام، وهم لا يريدون الإسلام ولا يحبُّون الإسلام، فلجأوا إلى حيلة النفاق، وهي: أن يُظهروا الإسلام من أجل أن يعيشوا مع المسلمين، ويبقوا في قرارة نفوسهم على الكفر. فسموا بالمنافقين، هذا هو النفاق الاعتقادي.

وأما النفاق العملي فمعناه: أن بعض المسلمين الذين عقيدتهم سليمة ومؤمنون بالله، لكنهم يتصفون ببعض صفات المنافقين، مثل: الكذب في الحديث، والغدر في العهد، وإخلاف الوعد، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان"، هذا نفاق عملي، صاحبه مؤمن، ولكن فيه خَصْلَة من خصال المنافقين، وهي خطيرة جدًّا، ربما أنها تؤول إلى النفاق الأكبر إذا لم يتب منها.

"يؤذي المؤمنين" بمعنى: أنه يضايق المسلمين بكلامه وبتصرّفاته، يسخر من

<<  <  ج: ص:  >  >>