للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه عن ابن عمر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر: "اللهم العَنْ فلاناً وفلاناً" بعدما يقول: "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد"، فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} .

ــ

وإنما الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مبلِّغ عن الله، والأمر لله سبحانه وتعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ، فالأمر لله {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} ، وإنما الرسل- عليهم الصلاة والسلام- مبعوثون عن الله فقط، ودعاة إلى الله.

" {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} " لا أمر النصر، ولا أمر الهزيمة، ولا أمر التوبة، ولا أمر الفلاح، ولا أمر الدخول في الإسلام والهداية، وإنما كل هذا بيد الله سبحانه وتعالى، أنت ليس عليك إلاّ البلاغ: {إِنْ عَلَيْكَ إلاّ الْبَلاغُ} ، {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} ، هذه وظيفة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه مبلِّغ عن الله فقط، أما أنه يملك النفع والضَّر والنصر والرَّزق والحياة والموت؛ فهذا لا يملكه أحد إلاّ الله سبحانه وتعالى.

قال "وفيه" أي: في الصحيح، يعني: صحيح مسلم.

"عن ابن عمر" هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنهما-، من فقهاء الصحابة، ومن العُبّاد.

"أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر: "اللهم العن فلاناً وفلاناً" يدعو الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على فلان وفلان أن يطردهم الله من رحمته؛ بسبب أنهم أَلَّبُوا المشركين، وجاءوا لحرب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأوْقعوا بالمسلمين هذه المصيبة.

فيه دليل على مشروعيّة القنوت في صلاة الفجر عند النوازل، أي: ما تنزل بالمسلمين نازلة من مداهمة عدو، أو حصول بلاء فيه خطورة على المسلمين، فإنهم يُشرع لهم أن يقنتوا في صلاة الفجر، بمعنى أنهم يدعون في صلاة الفجر لرفع هذا البلاء الذي عليهم، أو على إخوانهم من المسلمين، فالقنوت عند النوازل من سنّة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما في هذا الحديث، أما القنوت في صلاة الفجر في غير النوازل على صفة مستمرّة؛ فهذا ليس بمشروع عند جمهور أهل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>