للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والموت على عقيدة التّوحيد الخالص، والسلامة من الشرك: "من مات وهو لا يدعو لله نِدًّا دخل الجنّة، ومن مات وهو يدعو لله نِدًّا دخل النار".

"لا أُغني عنكم من الله شيئاً" أي: لا ينفعكم أني منكم، وأنتم قبيلتي، هذا لا ينفعكم عند الله شيئاً.

وفي هذا دليل على بُطلان التعلق على الأشخاص، والتعلق على الأولياء والصالحين، واعتقاد أنهم يقرِّبون إلى الله زُلفى، كما يفعله المشركون قديماً وحديثاً، الذين يتعلقون على الأولياء والصالحين، ويعتقدون أنهم يشفعون لهم عند الله، وأنهم يتوسّطون لهم عند الله، ويتقرّبون إلى الأولياء والصالحين بالذبح، والنذر، والاستغاثة، والاستعاذة، والدعاء، كما قال الله سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ} ، قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى} ، هذا زعمهم.

ولا يزال هذا عند بعض الناس إلى اليوم، هناك طوائف كثيرة من عُبّاد القبور، والصوفية، وغيرهم يعتقدون أن الأولياء والسادة أنهم يُكْفونهم المؤنة، ويذهبون إلى أضرحتهم، ويتمسحون بها، ويذبحون عندها، وينذرون لها، ويهتفون بأسمائهم ويظنون أن هذا ينفعهم عند الله تعالى، وفي هذا الحديث وغيره ردٌّ على هؤلاء، لأنه إذا كان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو أشرف الخلق، وأقرب الخلق إلى الله، وأكرمهم على الله يقول لعشيرته وأقاربه: "لا أُغني عنكم من الله شيئاً" فكيف يتعلق الناس على المخلوقين؟.

فالواجب أن يتعلق الناس بربهم سبحانه وتعالى، وأن يتقربوا إليه بالطاعة والعبادة، ويُخلصوا له التّوحيد، هذا هو طريق النجاة، أما التعدي عدى المخلوقين، ولو كانوا أنبياء أو صالحين أو أولياء، فإنهم لا ينفعون من تعلق بهم، وتوسل بهم، أو بجاههم أو بحقهم، هذا كله باطل، وتعبٌ بلا فائدة، بل هو ضلالة، وقد صرّح الله جل وعلا في القرآن بهذا، حينما قال لنبيه: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨) } ، قال تعالى: {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>