للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا عباس بن عند المطلب، لا أغني عنك من الله شيئاً.

ــ

يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢) إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسَالاتِهِ} ، هذا صريح لا يحتاج إلى كثير تأمّل، لأنه واضح من الكتاب والسنّة، ولكن الشيطان سَوَّل لهم وأملى لهم، اتبعوا العوائد، واتبعوا وقلّدوا أهل الضلال، ومشوا على طريقهم، وتركوا الكتاب والسنّة والله جل وعلا قريب مجيب، لا يحتاج إلى من يبلّغه عن خلقه، هو سبحانه وتعالى قريب مجيب: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦) } ، "ينزل سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: "هل من سائل فأعطيه؟، هل من مستغفر فأغفر له؟، هل من تائب فأتوب عليه؟ "، لم يقل لنا قدِّموا حوائجكم إلى الأولياء والوسائط، وهم يقدِّمونها لي، بل إنه سبحانه هو الذي تكفّل بالإجابة، وطلب من عباده أن يتقرّبوا إليه، وأن يدعوه، وأن يستغفروه، وأن يسألوه، لماذا يذهب المخلوق إلى غير الله سبحانه وتعالى؟، هذا من غرور الشيطان، نسأل الله العافية والسلامة، الحق واضح - ولله الحمد-، ما فيه خفاء، لو أن الناس سَلِمُوا من دعاة الضلال، ومن المخرفين، ومن الدجالين، لو أن الناس استعملوا عقولهم وبصائرهم، وأقبلوا على كتاب الله وسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لوجدوا الحق واضحاً لا خفاء فيه.

فقوله: "يا معشر قريش، لا أُغني عنكم من الله شيئاً" عمّم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الإنذار لجميع قريش، وجميع بطونها، وجميع أفخاذها وقبائلها.

ثم خص صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأقربين إليه، فقال: "يا عبّاس ابن عبد المطلب، لا أُغني عنك من الله شيئاً" العبّاس بن عبد المطلب عم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا كان لا يُغني عن عمه شيئاً، فكيف يغني عن غيره؟، وإذا كان أبو لهب عم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضاً، ولكنه أبى أن يدخل في الإسلام، واستمر على الشرك وآذى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنزل الله فيه سورة تُقرأ إلى يوم القيامة: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) } ، التَّبْ هو: الخسارة، {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥) } ، هذا عمّ الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكنه كان كافراً، فلم ينفعه قرابته من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك أبو طالب مع قُرْبِه من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحمايته للرسول، ودفاعه عنه، لما أبى أن يُسلم، وقال: "هو على ملّه عبد المطلب" وأراد

<<  <  ج: ص:  >  >>