للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينفذهم ذلك {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} . فيسمعها مُسْتَرِق السمع، ومُسْتَرِق السمع هكذا بعضه فوق بعض" وصفه سفيان بكفه، فحرّفها وبدّد بين أصابعه.

ــ

المَلَك نفسه بصوت السلسلة إذا جُرّت على حجر أمْلَس.

"ينفذهم ذلك" أي: أن كلام الله يبلغ إلى قلوبهم فيخافون.

" {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} " يعني: أُزيل عنها الفزع، تساءلوا بينهم: ماذا قال ربكم؟.

" {قَالُوا الْحَقَّ} " أي قال بعضهم لبعض: قال الله الحق، لأن كلامه حق سبحانه وتعالى.

قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فيسمعها مسترق السمع" المسترق هو: الذي يأخذ الشيء بسرعة وخُفية، ومنه سمّي السارق الذي يأخذ المال على وجه الخُفية والسرعة حيث لا يراه أحد، ومسترق السمع، هو الشيطان الذي يخطف الكلمة من الوحي الذي تتكلم به الملائكة في السماء، قال تعالى: {إِلَّامَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (١٨) } .

"ومسترق السمع هكذا بعضهم فوق بعض" معناه: أن الشياطين يَعْلُو بعضها بعضاً حتى تصل إلى عنان السماء، كل واحد يركب على الآخر، من أجل استراق السمع.

"وصفه سفيان" يعني: راوي الحديث، وهو سفيان بن عيينة، أحد كبار المحدِّثين المشهورين الثقات الأثبات رحمه الله.

يعني: وصف تراكمهم ووصف ركوب بعضهم فوق بعض في الجو.

"بكفه، فحرّفها" يعني: أمالها، وفرّق أصابعها، والأصابع يكون بعضها فوق بعض، هذا معناه: أن سفيان أراد أن يوضّح لتلاميذه والرواة عنه بالمثال المحسوس المشاهد عملية الشياطين في الهواء، فهذا فيه من وسائل التعليم: ضرب الأمثلة للطلاّب حتى يفهموا، مثل ما فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أراد أن يفسّر قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} ، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد أن يوضّح هذه الآية بمثال محسوس: خطّ خطّاً مستقيماً على الأرض، وخطّ عن يمينه وشماله خطوطاً، وقال للمستقيم: "هذا صراط الله" وقال للأخرى: " هذه سُبُل، على

<<  <  ج: ص:  >  >>