للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ، ففرعون عارف بقلبه صحّة ما جاء به موسى، ولكن منعه الكبر والمعاندة، وقال تعالى عن المشركين: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} ، وأيضاً قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} ، فاليهود يعرفون أنه رسول الله - أيضاً- كما قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} يعرفون أنه رسول الله.

وكان أبو طالب يعرف أنه رسول الله، وصرّح بهذا في قصائده، يقول:

"ولقد علمت أن دين محمَّد ... من خير أديان البرية ديناً

لولا الملامة أو حذار مسبة ... لرأيتني سمحاً بذاك مبيناً"

فالذي منعه هو ما جاء في هذا الحديث: أبى أن يقول: لا إله إلاّ الله وقال: "وهو على ملّة عبد المطلب"، وهو يعرف أنه رسول الله.

المسألة التاسعة: فيه تحريم الاستغفار للمشركين، والترحّم عليهم، وموالاتهم، ومحبتهم، لأن الله جل وعلا يقول: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣) } .

المسألة العاشرة: فيه التحذير من التعصّب لدين الآباء والأجداد إذا كان يخالف ما جاءت به الرسل، فإن الذي حمل أبا طالب على ما وقع فيه هو التعصّب لدين عبد المطّلب، وأنه سبب لسوء الخاتمة- والعياذ بالله-، فليحذر المسلم من هذا. الواجب على المسلم أن يقبل الحق ولو خالف ما عليه آباؤه وأجداده، أما إذا كان آباؤه وأجداده على حق، فأتباعهم حق، ويوسف عليه السلام يقول: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ} .

فإتباع الآباء والأجداد على الحق مشروع.

<<  <  ج: ص:  >  >>