وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه في قول الله تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) } .
فكذلك الذين غلو في الصالحين من هذه الأمة حتى عبدوهم مع الله سبحانه وتعالى، وجعلوا لهم شيئاً من الرّبوبيّة والألوهيّة، سواءً بسواء.
قال:"في الصحيح" يعني: صحيح البخاريّ.
"عن ابن عباس رضي الله عنه في قول الله تعالى" يعني: في تفسير قوله تعالى: " {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) } "، قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ... إلخ"
قوم نوح لما نهاهم نبي الله نوح- عليه الصلاة والسلام- عن الشرك وأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له؛ تواصوا فيما بينهم بهذه الوصية الكافرة:
"وقالوا لا نذرن آلهتكم" يعني: لا تطيعوا نوحاً عليه السلام، لا تتركوا آلهتكم التي تعبدونها من دون الله. "{وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} " هذه أسماء رجال صالحين، وكان هذا في الأوّل، لأن النّاس كانوا بعد آدم عليه السلام على دين التّوحيد- كما قال ابن عباس-، كانوا على دين التّوحيد دين أبيهم آدم- عليه الصلاة والسلام- عشرة قرون، وكان هؤلاء الصالحون في هذا العهد- عهد التّوحيد-، فلما ماتوا - ويُروى: أنهم ماتوا في سنة واحدة- حزنوا عليهم حزناً شديداً، وبكوا عليهم، فاستغل الشيطان- لعنه الله- هذه العاطفة فيهم، وأشار عليهم بمشورة ظاهرها النصح، وباطنها الخديعة والمكر، أشار عليهم بأن يصوّروا تماثيلهم، يعني: يجعلوا لهم صوراً على شكل تماثيل، كل واحد له صورة، وأن ينصبوا هذه التماثيل على