للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخزاعي، الذي غير دين إبراهيم عليه السلام وجلب الأصنام إلى أرض الحجاز، وأمر بعبادتها.

وأما الشرك في بعض المسلمين فحدث على يد الشيعة الفاطميين بعد المائة الرابعة، حينما بنوا المشاهد على القبور، وأحدثوا بدعة الموالد في الإسلام، والغلو في الصالحين.

وكذلك عندما حدث التصوف المنحرف المتمثل بالغلو في المشايخ وأصحاب الطرق.

ولكن الله سبحانه قد تكفل بحفظ هذا الدين بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على يد العلماء المصلحين والدعاة المجددين، الذين يبعثهم الله على رأس كل مائة سنة، كما في الحديث، فبقي للحق أنصاره وللدين حماته، كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى وهم على ذلك".

ولهذا يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في مقدمة كتابه: الرد على الجهمية: "الحمد لله الذي جعل في وقت كل فترة من الرسل بقايا من أهل العلم؛ ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ويدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، فكم من ضال قد هدوه، وكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم".

ومن هؤلاء الذين وصفهم الإمام أحمد بهذه الأوصاف العظيمة؟ شيخ الإسلام الإمام المجدد الشيخ: محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، فقد وقف موقفاً عظيماً، من مواقف هؤلاء الأئمة في مواجهة التغيرات التي حدثت في مجتمعه؛ من انحراف في العقيدة، وانقسام في الحكم، واستشراء للعادات الجاهلية في الحاضرة والبادية، شرك في العبادة، ومخالفات للشرع في الحكم بين الناس، ورواج لسوق الشعوذة والسحر، وتعطيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ رغم كثرة وجود العلماء فيهم؛ المتبحرين في مسائل الفقه الفرعية، لكن العبرة ليست بوجود العلماء ووفرتهم دون أن يكون لهم أثر فعال في الإصلاح،

فبنوا إسرائيل هلكوا وفيهم العلماء، فما لم يقم علماؤهم بما أوجب الله عليهم من النصح والإصلاح تسلط عليهم الشيطان. قال- تعالى-: {وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبئْسَ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>