للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

...........................................................................................

ــ

عامة- أيضاً، لكن للعرب خاصة لأن الرسول عربي، بُعث بلسانهم، فالمنة عليهم به أعظم.

" {لَقَدْ جَاءَكُمْ} " أيها المسلمون عمومًا والعرب خصوصاً.

" {رَسُولٌ} " الرسول هو: من أوحي إليه بشرع وأُمر بتبليغه.

وأما النبي فهو: من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه.

هذا التعريف المشهور عند أهل العلم، ويذكره المفسرون عند قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} ، من سورة الحج، يذكرون هناك تعريف الرسول وتعريف النبي، والفرق بينهما، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه، وأشهرها كتابه: "النبوات": "الرسول من أوحي إليه بشرع، بخلاف النبي فإن النبي يبعث بشريعة من قبله، كأنبياء بني إسرائيل، يُبعثون بالدعوة إلى التوراة التي نزلت على موسى عليه السلام".

وقد يوحى إلى النبي وحي خاص في بعض القضايا، لكن الغالب أنه يُبعث بشريعة سابقة، كأنبياء بني إسرائيل، أما الرسول فإنه يُبعث بشريعة مستقلّة.

والمراد بتبليغه هنا: الجهاد والإلزام، أي: أُمر أن يُلزم النّاس بإتباعه، ويجاهدهم على ذلك، خلاف النبي فإنه يؤمر بالتبليغ، بمعنى: تعليم النّاس شرع من قبله وإفتائهم فيه. وهذا مأمور به غير الأنبياء، حتى العلماء.

فالتبليغ الذي معناه التعليم والإفتاء، وبيان الحلال والحرام والحق من الباطل، هذا مأمور به كل من عنده علم، إنما المراد بالتبليغ هنا: التبليغ الخاص الذي هو الإلزام، والجهاد على ذلك. والنبي أيضاً يجاهد. لكن يجاهد على شرع من قبله.

" {مِنْ أَنْفُسِكُمْ} " أي: من جنسكم من العرب، تعرفون لسانه، ويخاطبكم بما تعرفون، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} ، فهذا من نعمة الله أن جعل هذا الرسول عربيًّا يتكلم بلغتنا، ولم يجعله أعجمياً لا نفهم ما يقول، ولهذا قال: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} .

فمن رحمة الله أن جعل هذا الرسول يتكلم بلغتنا، ونعرف نسبه، ونعرف لغته،

<<  <  ج: ص:  >  >>