للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكن أجنبياً لا نعرفه، أو يكن أعجمياً لا نفهم لغته، هذا من تمام النعمة على هذه الأمة، ولم يكن من الملائكة، وهم جنس آخر من غير بني آدم، بل هو من جنسنا، ويتكلم بلغتنا.

" {عَزِيزٌ عَلَيْهِ} " أي: شاقٌّ.

" {مَا عَنِتُّمْ} " العنت معناه: العتب والمشقّة، ومعناه: أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشق عليه ما يشق على أمته، وكان يحب لهم التسهيل دائماً، ولهذا كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجب أن يأتي بعض الأعمال ولكنه يتركها رحمة بأمته خشية أن يشق عليهم، ومن ذلك: صلاة التراويح، فإنه صلاها بأصحابه ليالي من رمضان، ثم تخلف عنهم في الليلة الثالثة أو الرابعة، فلما صلّى الفجر، بيّن لهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لم يتخلّف عنهم إلاَّ خوف أن تُفرض عليهم صلاة التراويح، ثمّ يعجزوا عنها، هذا من رحمته وشفقته بأمته.

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"، فلم يمنعه من ذلك إلاَّ خوف المشقة على أمته، وكان يحب تأخير صلاة العشاء إلى ثلث الليل، ولكنه خشي المشقة على أمته عليه الصلاة والسلام.

وهكذا كل أوامره-، يراعي فيها التوسيع على الأمة، وعدم المشقة، لا يحب لهم المشقة أبداً، ويحب لهم دائماً التيسير عليهم، ولذلك جاءت شريعته سمحة سهلة، كما قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ، {مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} .

ولما ذكر الإفطار في رمضان للمسافر والمريض ذكر أنه شرع ذلك من أجلا التسهيل: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} .

هذا من صفة هذا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه يحب التيسير لأمته، ويكره المشقة عليها.

" {بِالْمُؤْمِنِينَ} " وخاصة.

" {رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} " الرأفة هي: شدّة الشفقة، {رَحِيمٌ} يعني: عظيم الرحمة بأمته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما بالكفّار فإنه كان شديداً على الكفّار، كما وصفه الله تعالى بذلك: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} ، وكما قال الله سبحانه وتعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} يعني: رحماء، {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} يعني:

<<  <  ج: ص:  >  >>