للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن، وصلاة النافلة، والإكثار من ذكر الله، بل إن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بأن تُجعل النوافل التي لا تُشرع لها الجماعة كلها في البيوت، أما الفرائض فإنها تكون في المساجد، وذلك لعمارة البيوت، لأنها إذا عمرت بذكر الله ابتعدت عنها الشياطين، ونشأ أهل البيوت من النساء والذرية والساكنين فيها على طاعة الله، وصارت هذه البيوت مدارس خير، يتخرج منها المسلم الموحد.

أما إذا كانت هذه البيوت خالية من ذكر الله، فإن أهلها يعيشون في الجهل، ويعيشون في الغفلة، ويصيرون مثل الموتى، فما بالكم إذا خلت البيوت من ذكر الله، وجُلب إليها وسائل الشر من الأفلام الخليعة، وجلب إليها الجهاز الذي يستقبل محطات التلفزيون من العالم بما فيها من فساد وخلاعة ومجون وكفر وإلحاد وشرور عظيمة، كلها تدخل في هذا البيت بواسطة هذا الجهاز الشيطاني الذي ينُصبه صاحب البيت ماذا تكون هذه البيوت؟، تكون بيوتاً للشيطان، لا تكون مقابر فقط، وإنما تكون مآوي للشياطين- والعياذ بالله-، ويتخرج منها أشرار من الذرية والنساء، يصاحبهم عدم الحياء، وعدم الغيرة، وحب الشر، والحرص على تنفيذ ما يرونه في هذه المبثوثات من الشرور، وفساد الأخلاق، وفساد الأمور، سيطبقون هذه الأمور التي يرونها ويشاهدونها، وتؤثر على أخلاقهم وعلى عفتهم، ويتكاسلون عن الصلاة، بل يضيعون الصلاة بسببها، ويقولون: هذا العالم المتحضر، انظروا إلى العالم ماذا يفعلون؟.

هذه هي الحياة، وهذه الحضارة، وهذا هو الرُّقي، نحن مشتغلون بأمور بعيدة عن الحياة.

سيقولون هذا شئتم أم أبيتم أيها الآباء، وأنتم السبب في هذا، أنتم المسئولون أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، الله قال لكم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} ، أنتم ما وقيتم أنفسكم، ولا وقيتم أهليكم من النار، بل جلبتم النار إلى بيوتكم.

اتقوا الله يا من ابتليتم بهذه الآلة الخبيثة؛ أزيلوها عن بيوتكم، فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً" وأمركم بالعناية بالبيوت، بأن تعمروها بطاعة الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>