للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهلية، قالوا: لا، قال: "فأوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملكه ابن آدم" والشاهد منه: أنه قال: "هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ " يعني: هل هذا المكان الذي خصّصته هل كان الجاهليون يخصّصونه؟، فدلّ على أن تخصيص مكان للعبادة لم يخصصه الله ولا رسوله أنه من أعياد الجاهلية، لا تجوز العبادة فيه أبداً، ومن ذلك: القبور، فالترّدد عليها، والجلوس عندها من أجل التبرّك بتربتها، أو من أجل الدعاء عندها، أو الصلاة عندها، كل هذا من اتخاذها عيداً، وهو وسيلة من وسائل الشرك.

كما هو واقع الآن عند الأضرحة مما لا يخفاكم، وتسمعون عنه في البلاد الأخرى التي بُليت بهذه الفتنة -والعياذ بالله-، ولم تجد من دعاة التّوحيد من يقوم بنصيحة المسلمين عنها والأمر بإزالتها.

نرجو الله أن يهيء للمسلمين من يقوم بإصلاح عقيدتهم، وإزاحة هذه الفتنة العظيمة عنهم، كما منّ على هذه البلاد- ولله الحمد- بهذه الدعوة المباركة التي أزاحت عنها هذه الأوثان الجاهلية.

نسأل الله أن يثبتنا وإياكم وإخواننا المسلمين على هذا الدين، وأن يتم علينا هذه النعمة، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وإلاَّ فنحن معرضون للفتنة، ولا نزكي أنفسنا، ولا نأمن أن نصاب بمثل ما أصيب به أولئك، إذا تساهلنا وغفلنا وتركنا الدعوة إلى الله وتركنا بيان التّوحيد والتحذير من الشرك فإنه يدب إلينا ما وقع في البلاد المجاورة لنا.

الكلمة الثالثة الواردة في هذا الحديث قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" هذا أمر بالصلاة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد أمر الله بذلك في محكم كتابه فقال: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٦) } ، أمرنا الله بالصلاة والسلام على رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكر سبحانه أنه هو وملائكته يصلّون عليه.

والصلاة من الله: ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى. والصلاة من الملائكة: الاستغفار ومن الآدميين الدعاء كما ذكر الإمام البخاري عن أبي العالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>