للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا أحدثكم بحديث سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تتخذوا قبري عيداً، ولا بيوتكم قبورًا، وصلوا عليَّ؛ فإن تسليمكم ليبلغني أين كنتم" رواه في "المختارة".

ــ

بيته، في حجرة عائشة، وفي أحد الجدران فُرْجَة، أي: نَقْبٌ في الجدار، رآه هذا الرجل، فصار يتردد، ويأتي ويدخل من هذه الفُرْجَة، ويدعو عند قبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما رآه علي بن الحسين رحمه الله نهاه عن ذلك، قال له: لا تفعل هذا، لا تتردد على قبر الرسول، ولا تدع عنده. وهذا من إنكار المنكر، ولاسيما ما يؤدي إلى الشرك.

فالتردّد على قبر الرسول والدعاء عنده من وسائل الشرك به، فيجب إنكاره، ولذلك أنكر علي بن الحسين على هذا الرجل ونهاه.

ثمّ لم يكتف بهذا، بل بين الدليل والحجة على هذا الإنكار، فقال: "ألا أحدثكم حديثاً سمعته عن أبي" يعني: الحسين رضي الله عنه "عن جدَّي" يعني: علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تتخذوا قبري عيداً" هذا مثل ما في حديث أبي هريرة السابق ومعنى اتخاذ القبر عيداً: بأن يُتردّد عليه، ويجتمع عنده لأجل الدعاء أو التبرك أو الصلاة على الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فهذا مثل حديث أبي هريرة الذي قبله إلاَّ أنه زاد عليه: الإنكار على من يأتي ويدعو عند قبر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو يعد مفسّراً لحديث أبي هريرة، يبين معنى اتخاذه عيداً، وأنه يكون في الدعاء عنده، والتردّد عليه.

ثم قال: "رواه في المختارة" المختارة: كتاب اسمه: الأحاديث الجياد المختارة" ومؤلفه هو: عبد الله بن محمَّد بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي، ألّف هذا الكتاب، وجمع فيه الأحاديث الجياد الزائدة على ما في الصحيحين، فهو كالمستدرك، لكنها أحسن من "مستدرك الحاكم".

ما يُستفاد من الآية الكريمة ومن الحديثين:

أولاً: يستفاد من الآية: امتنان الله على هذه الأمة ببعثة هذا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي نعمة عظيمة، قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو

<<  <  ج: ص:  >  >>