للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمسلم عن ثوبان رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن الله زَوَى ليَ الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زُوِيَ لي منها.

ــ

المسألة السادسة: في الآية الثالثة دليل على أنه كان في الأمم السابقة من يبني المساجد على القبور، فلا بد أن يوجد في هذه الأمة من يبني المساجد على القبور وقد وقع هذا.

ففيه ردٌّ على من زعم أنه لا يقع في هذه الأمة شرك، ووجه الرد: لأن بناء المساجد على القبور وسيلة إلى الشرك.

المسألة السابعة: في الحديث دليل على معجزة من معجزاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث أخبر أنه سيكون في هذه الأمة من يتشبّه باليهود والنصارى، وقد وقع كما أخبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

المسألة الثامنة: في الحديث دليل على تحريم التشبّه باليهود والنصارى، لأن الحديث خبرٌ معناه النهي والإنكار على من فعل ذلك.

المسألة التاسعة: في الحديث دليل للتّرجمة: أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان، لأن في اليهود والنصارى من يعبد الأوثان، فلا بد أن يوجد في هذه الأمة من يتشبّه بهم فيعبد الأوثان، كما هو واقع وحاصل في عبادة القبور والأضرحة الآن لا بكثرة وعلى مَسْمع من علماء المسلمين ومرأى ولم ينكر ذلك الكثير منهم، بل بعضهم أجازه وشجع عليه.

ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العلي العظيم.

هذا حديث عظيم فيه أمور مخيفة، وفيه أخبار عظيمة، وفيه بشارة:

فقوله: "عن ثوبان، ثوبان هو: مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمولى معناه ث العتيق، لازم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وله فضائل كثيرة رضي الله عنه.

"أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن الله زَوَى ليَ الأرض" يعني: جمعها، وحواها وطواها له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى صارت حجماً صغيراً، يرى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أطرافه ما بعُد منها وما قرُب، والله قادر على كل شيء.

أو أن المراد- والله أعلم- أنه قوّى بصر رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصار يري كل الأرض مشارقها ومغاربها، كما حصل له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سأله المشركون عن بيت المقدس، حيث

<<  <  ج: ص:  >  >>