للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأُعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض.

ــ

قوّى بصر رسوله فصار ينظر إلى بيت المقدس وهو في مكّة يخطب في المشركين، ويصف لهم المسجد عن معاينة ومشاهدة، حتى ذكر لهم علاماته والأشياء التي يعرفونها فيه، وحتى إنه أخبرهم عن عيرهم التي في الطريق التي كانوا ينتظرونها، أخبرهم أين هي؟.

"فرأيت مشارقها ومغاربها" رأى المشرق والمغرب وجمعها لكثرة الطالع والغارب من الكواكب.

"وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زَوَى لي منها" بالبناء على الفاعل وهو الله سبحانه وتعالى، أو "ما زُوِي لي منها" بالبناء للمفعول، والفاعل هو الله سبحانه وتعالى.

ولم يذكر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشمال والجنوب من الأرض لقلة سكانها ولأن هذا لم تبلغه الفتوحات، وإنما الفتوحات امتدّت من المشرق إلى المغرب.

"وإن أمتي سيبلغ ملكها" هذا خبر عن المستقبل، وهو لا ينطق عن الهوى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ففيه دليل من أدلّة نبوّته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الدّليل الأول: زَوي الأرض له. هذا دليل على نبوّته.

الدليل الثاني: أنه أخبر عن ملك أمته، وأنه سيتّسع ويبلغ المشرق والمغرب في يوم أن كان ملك المسلمين في المدينة وما حولها فقط.

فهذا من علامات نبوّته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقد وقع كما أخبر، فانتشرت الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين وخلفاء بني أمية وبني العباس حتى سقطت دولة الفُرْس بالمشرق، وسقطت دولة الروم بالمغرب، وامتدّ سلطان المسلمين في الشرق إلى أن وصل السّند، وفي المغرب إلى أن وصل إلى طَنْجَة في أقصى المغرب، بل امتدّ إلى أن وصل إلى جبال البَرَانِس وهي حدود فرنسا، حيث دخلت الأندلس في الخلافة الأمويّة في ملك المسلمين، وهذا مِصْداق لخبره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها".

"وأُعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض" المراد بالكنزين: الأموال النّفيسة، "الأحمر": الذهب، "والأبيض": الفضة، وهذا عبارة عن أموال الفرس والروم. فأموال الفرس من الذهب، وأموال الروم من الفضة، أو العكس، قولان في المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>