للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: الله ورسوله أعلم.

قال: "قال: أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ. فأما من قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب. وأما من قال: مُطرنا بنوء كذا وكذا؛ فذلك كافرٌ بي مؤمن بالكوكب".

ــ

"رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الصبح" يعني: صلاة الفجر، سُمِّيت صلاة الصبح لأنها تجب عند طلوع الفجر، كما قال تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} يعني: صلاة الصبح.

"بالحديبية" اسم مكان على حدود الحرم من جهة الغرب، قريب من التنعيم، يقال له الآن (الشميسي) ، وهو عند مدخل الحرم للقادم من جدّة.

يقال الحديبيةَ - بالتخفيف-، ويقال بالحديبيّة، بالتشديد والمشهور الأول.

"فلما انصرف أقبل على النّاس" لأن هذا من السنّة؛ أن الإمام إذا فرغ من الصلاة فإنه لا يبقى مستقبل القبلة، بل ينصرف إلى النّاس ويُقبِل عليهم بوجهه كما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل ذلك.

"فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أتدرون ماذا قال ربكم؟ " هذا فيه: مشروعية الموعظة بعد الصلاة إذا صار لها مناسبة، كتنبيهٍ على خطأ وقع، أو بيان لواجب، أو موعظةٍ عامة، وحثِّ على تقوى الله، فإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعظ النّاس أحياناً، ولم يكن يداوم على ذلك، وإنما يفعل ذلك أحياناً خشية المَلَل، فكان يتخوّلهم بالموعظة صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خصوصاً إذا حصل شيءٌ يحتاج إلى تنبيه، مثل هذه القضية.

وفي هذا مشروعة التعليم من خلال السؤال والجواب، فالمعلِّم يسأل الطالب أوّلاً من أجل أن ينتبه للجواب، لأن هذا يكون أبلغ في التعليم وأنبه للطالب، لأنه إذا سُئل أولاً ثمّ أُجيب فإنه يكون هذا أثبت في ذهنه، بخلاف ما لو أُلقيَ إليه العلم ابتداءً فإنه قد لا ينتبه له تماماً.

"قالوا: الله ورسوله أعلم" هذا فيه أن المسؤول إذا لم يكن عنده علم ولا جواب أنه لا يتخرّص، وإنما يكِل العلم إلى عالمه، فيقول: الله ورسوله أعلم، وهذا في حياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما بعد موته فيقول: الله أعلم فقط. ففيه: مشروعية تفويض العلم إلى الله سبحانه وتعالى.

فأجاب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: و"قال" أي: الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قال" أي: الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>