للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهما من حديث ابن عباس معناه، وفيه: (قال بعضهم: لقد صدق نوء كذا.

فأنزل الله هذه الآيات: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٠) أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢) } .

ــ

وفيه- وهو الشاهد من الحديث للباب-: أن نسبة المطر إلى الأنواء كفرٌ بالله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشرك، وأن نسبة النِّعم والأمطار إلى الله إيمان بالله وتوحيد.

وفيه: أن حصول النعم ابتلاء وامتحان من الله تعالى؛ ليتبيّن بذلك المؤمن من الكافر.

وفيه: مشروعية قول هذا الكلام عند نزول المطر: "مُطرنا بفضل الله وبرحمته" كما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ذلك، ويقول: "اللهم صيِّباً نافعاً".

وقوله: "ولهما" أي: للبخاري ومسلم.

"من حديث ابن عبّاس بمعناه ... إلخ" هذا مثل الحديث الذي قبله؛ لما نزل عليهم المطر قالوا: "صَدَق نوء كذا وكذا" زعموا أن طلوع النجم هو الذي حصل به المطر، فهم نسبوا نزول المطر إلى النوء، فصدّقوه، فأنزل الله تعالى منكراً عليهم قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ} .

قوله تعالى: {فَلا} لا هذه نافية، أي: ليس الأمر كما زعمتم أنّ نزول المطر بسبب صدق النوء الفلاني، وإنما المطر بفضل الله.

ثمّ أقسم جل وعلا على هذا النفي. والمشهور- كما اختاره ابن جرير-: أن المراد بالنجوم هنا: الكواكب، لأن في طلوعها وغروبها آية عظيمة من آيات الله سبحانه وتعالى لمن يتدبّر ويتفكّر.

والله جل وعلا يقسم بما شاء من خلقه، وهو لا يقسم إلاَّ بشيء فيه سرٌّ عظيم يحتاج إلى تأمُّل، ويحتاج إلى نظر، فلو نظرت إلى تنظيم هذه النجوم في مسارها

<<  <  ج: ص:  >  >>