للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالشر باقٍ من قديم الزمان إلى آخر الزمان، وطريقة المشركين واحدة.

وأما أهل الإيمان فإنهم لا يخافون إلاَّ الله تعالى، لأنه هو الذي يملك النفع والضر، وهو الذي بيده الأمور، وأنه لا يصيب المؤمن إلاَّ ما قدّره الله له {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١) } .

النوع الثاني من أنواع الخوف المذموم: أن يترك الإنسان ما أوجب الله عليه من الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفاً من النّاس أن يؤذوه أو يضايقوه أو يعذِّبوه فيترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله وبيان الحق خوفاً من النّاس، فهذا شركٌ أصغر، وهو محرّمٌ، وقد جاء في الحديث: "أن الله يحاسب العبد يوم القيامة: لِمَ لَمْ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟. فيقول: يا رب خشيتُ النّاس، فيقول: إيّايَ أحقُّ أن تخشى". ونعنى بذلك: القادر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقادر على الدعوة إلى الله، أما الذي لا يقدر -أو ليس عنده استطاعة- فهذا معذور.

النوع الثالث: الخوف الطبيعي، الذي ليس معه عبادة للمخوف ولا ترك لواجب. كأن يخاف الإنسان من العدو، أو من السَّبُع، أو من الحيَّة، ويخاف الإنسان من أعدائه، أو يخاف من السّباع، أو يخاف من الهوام، فهذا الخوف خوفٌ طبيعي لا يُلام عليه الإنسان لأنه ليس عبادة وليس تركاً لواجب، ولا يُؤاخذ عليه الإنسان. وموسى عليه السلام لَمّا تآمر عليه الملأ ليقتلوه وأُنذر أن يخرج من البلد {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) } .

ثمّ أورد الشيخ قوله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥) } وهذه الآية بعد قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥) } وذلك أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه لَمّا حصلَتْ وقعة أحد، وحصل على المسلمين ما حصل من الابتلاء والامتحان،

<<  <  ج: ص:  >  >>