للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من التمس رضا الله بسخط النّاس رضيَ الله عنه وأَرْضى عنه النّاس، ومن التمس رضا النّاس بسخط الله سخِط الله عليه وأسخط عليه النّاس" رواه ابن حبان في "صحيحه".

ــ

فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ} ، "إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله".

فالشيخ رحمه الله قد يذكر بعض الأحاديث الضعيفة إذا كان لها ما يؤيِّدها من القرآن أو من السنّة.

وهذه قاعدة معروفة عند أهل العلم.

قوله: "وعن عائشة رضي الله عنها أدن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من التمس" إلخ" لحديث عائشة رضي الله عنها هذا قصة، وهي: أن معاوية رضي الله عنه لَمّا وَلِيَ المُلْك كتب إلى أم المؤمنين يطلُب منها النصيحة، لأنها زوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعندها من العلم الشيء الغزير الذي حملته عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهي فقيهة النساء فكتبت إليه: "السلام عليكم، أما بعد: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من التمس رضا الله بسخط النّاس رضي الله عنه وأرضى عنه النّاس، ومن التمس رضا النّاس بسخط الله سخِط الله عليه وأسخط عليه الناس".

هذا الحديث إذا سار عليه الحكّام وغير الحكّام حصل الخير الكثير، فهو منهج عظيم، وهذه الكلمات اليسيرة منهج تسير عليه الأمة، حُكّامها ومحكوموها، الراعي والرعية، ولذلك نصحت به عائشة معاوية رضي الله عنهما، وهذا من فقهها رضي الله عنها حيث اختارت هذا الحديث لمعاوية لأنه وال وإمام، فهو بحاجة إلى هذا الحديث ليجعله منهجاً له في سياسة المُلْك.

وهذا الحديث فيه: أن الإنسان يقدِّم خشية الله على خشية النّاس، ويقدِّم رضا الله على رضا النّاس، كالحديث الذي قبله.

فإذا جمعتْ هذه الآيات وهذه الأحاديث دلّتْ على أن الخوف عبادة يجب إفراد الله تعالى بها، ونعني بالخوف النوع الأول الذي هو خوف العبادة الخوف الذي يترتب عليه العمل بطاعة الله وترك معصية الله، أما الخوف المعكوس الذي تترتب عليه معصية الله لإرضاء النّاس، فهذا مذموم.

ودلّ حديث أبي سعيد -كما يقول الشيخ في مسائله- على أن اليقين يقوى ويضعُف، بدليل قوله: "إن من ضعف اليقين".

<<  <  ج: ص:  >  >>