للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالها محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قالوا له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً} الآية"رواه البخاري والنسائي.

ــ

في أضيق الأحوال وأحرج المواقف، وهكذا الأنبياء عند تأزُّم الأمور؛ لا يعتمدون إلاَّ على الله سبحانه وتعالى، ولا يلجئون إلاَّ إليه، وتزيد رغبتهم في الله عند الشدائد، ويُحسنون الظن بالله سبحانه وتعالى دائماً وأبداً.

فالأنبياء وأتباعهم لا يعتمدون إلاَّ على الله، خصوصاً عند المضائق وتأزُّم الأمور؛ يتوكّلون على الله ولا يضعُفون أو يخضعون لغير الله سبحانه وتعالى، أو يتنازلون عن شيء من عقيدتهم ودينهم أبداً.

قوله: "قالها إبراهيم عليه السلام حين أُلقيَ في النار" إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعثه الله في قوم وثنيِّين في أرض (بابل) ، يعبدون الكواكب، ويبنون لها الهياكل، وينحتون الأصنام التي على صورها، وكان أبوه يصنع الأصنام، ويبيعها على النّاس ويأكل من ثمنها.

فبعث الله إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- في هذه الأمة الوثنية يدعوها إلى التّوحيد وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى، ويُنكر عليهم عبادة الأصنام، وبدأ بأبيه وقال: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً (٤٣) يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ} ، انظر التلطُّف، يكرِّر: يا أبت، يا أبت. وهكذا الداعية يتلطّف بالمدعو، كما قال تعالى: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤) } ، لا يأتيه بعنف وقسوة وشدة، ويقول: هذا غَيْرة لله.

"حين ألقي في النار" أي: قال هذه الكلمة حينما ألقاه قومه في النار انتصاراً لآلهتهم، فقال الله للنار: {كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} .

والشاهد في قوله: {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ، فهذا فيه: التوكُّل على الله سبحانه وتعالى، وبيان ثمراته، وأن ثمرة التوكُّل على الله حوّلت النار إلى برْدٍ وسلام على إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

فهذا فيه: فضيلة هذه الكلمة، وثمرة التوكُّل على الله سبحانه وتعالى.

قوله: "وقالها محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قالوا له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً} الآية" لَمّا حصلت غزوة بدر في السنّة الثانية من الهجرة، وانتصر

<<  <  ج: ص:  >  >>