للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} الآية.

عن ابن عبّاس قال: {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ، قالها إبراهيم عليه السلام حين أُلْقيَ في النار.

ــ

{حَسْبَكَ} : حسبك وحسب من اتّبعك، فحَذف المضاف في الكلمة الثانية اعتماداً على ما جاء في الأولى من باب الاختصار والإيجاز؛ فقوله: {وَمَنْ} (الواو) عاطفة و {مَن} في محل جر، عطف على ضمير المخاطَب المضاف إليه في قوله: {حَسْبُكَ} ، هذا هو الصواب الذي رجّحه الإمام ابن القيّم وأبطل ما سواه، فليس {وَمَنِ اتَّبَعَكَ} معطوف على الله، فيكون مرفوعاً.

ومحل الشاهد من الآية: {حَسْبُكَ اللهُ} ، فإذا كان حسبك الله فيجب التوكُّل على الله سبحانه وتعالى والاعتماد عليه سبحانه وتعالى وحده. لأنه يكفي من توكّل عليه، كما في الآية التي بعدها وهي قوله: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} أي: يفوِّض أمره إلى الله ويعتمد على الله فإن الله حسبه، أي: كافيه جميع الأمور.

أما من لم يتوكّل على الله فإن الله يَكِلُه إلى من اعتمد عليه كما في الحديث: "من تعلّق شيئاً وُكِل إليه"؛ فمن تعلّق بالله كفاه، ومن تعلّق بغيره خذله الله ووكله إلى ضعيف.

قوله: " {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} " أي: لا على غيره.

" {فَهُوَ} " أي: الله سبحانه وتعالى.

" {حَسْبُهُ} " أي: كافيه.

فهذا فيه: ثمرة التوكُّل على الله سبحانه وتعالى، وأن الله يكفي من توكّل عليه، ومن كان الله كافيه فإنه هو الرابح والمفلح في الدنيا والآخرة، ولا يخاف من غيره أبداً، إنما يخاف من الله سبحانه وتعالى.

قال: "وعن ابن عباس" هو: عبد الله بن عباس، حَبْرُ الأمة، وترْجُمان القرآن.

"قال: " {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} " قالها إبراهيم عليه السلام حين أُلْقيَ في النار، وقالها محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قالوا له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً} الآية" هذه كلمة عظيمة قالها الخليلان: إبراهيم ومحمد- صلى الله عليهما وسلم-

<<  <  ج: ص:  >  >>